للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أحاديث الاشتراط والهبة، وحاول الحافظ (١) أن غرض البخاري تأييد مسلكه وأول الروايات إليه مع بُعد التأويل في بعضها.

وبسط الشيخ قُدِّس سرُّه أيضًا الكلام على هذا الباب إذ قال (٢): وجملة ما ساقه ههنا من الروايات لا يدلّ شيء منها على نفي الكفارة، فإن أراد إثبات أنه لا كفارة في هذا الحنث فغير مسلم لعدم الثبوت، وإن أراد إثبات أنه لا معصية فيه فهو مسلم، وإثبات ذلك بالروايات موجه، إلى آخر ما بسط في مطابقة الأحاديث بالترجمة.

[(١٦ - باب اليمين الغموس. . .) إلخ]

بفتح المعجمة وضم الميم الخفيفة وآخره مهملة، قيل: سميت بذلك لأنها تغمس صاحبها في الإثم ثم في النار، فهي فعول بمعنى فاعل، وقيل: الأصل في ذلك أنهم كانوا إذا أرادوا أن يتعاهدوا أحضروا جفنةً فجعلوا فيها طيبًا أو دمًا أو رمادًا، ثم يحلفون عندما يدخلون أيديهم فيها؛ ليتم لهم بذلك المراد من تأكيد ما أرادوا.

ثم قال الحافظ: نقل ابن المنذر وابن عبد البر اتفاق الصحابة على أن لا كفارة في اليمين الغموس، واحتجوا بأنها أعظم من أن تكفر، وأجاب من قال بالكفارة كالأوزاعي والشافعي بأنه أحوج للكفارة من غيره، إلى آخر ما ذكر الحافظ (٣).

قلت: وإلى مسلك الجمهور ميل المصنف، وقال القسطلاني (٤): واليمين الغموس: أن يحلف على الماضي متعمدًا للكذب كأن يقول: والله ما فعلت كذا أو فعلت كذا نفيًا وإثباتًا، وهو يعلم أنه ما فعله أو فعله، أو أن يحلف كاذبًا ليذهب بمال أحد، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١١/ ٥٥٠، ٥٥١).
(٢) "لامع الدراري" (١٠/ ١١٠).
(٣) "فتح الباري" (١١/ ٥٥٥ - ٥٥٧).
(٤) "إرشاد الساري" (١٤/ ٩٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>