للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتعقب العيني (١) على كلام ابن بطال والحافظ معًا ثم قال: والأحسن أن يقال: لم يذكر القعود لشهرته وعمل الناس عليه، أو إشارةً إلى أنه لم يجد على شرطه، انتهى.

ولا يدخل في هذا الأصل التاسع والثلاثين؛ لأن جواز البول قاعدًا متفق عليه. والأوجه عندي: أن الإمام البخاري مال في ذلك إلى مسلك من أباحه مطلقًا؛ كسعيد بن المسيب وعروة بن الزبير، وقال مالك: إن كان في مكان لا يتطاير منه شيء فلا بأس به وإلا فمكروه، ومذهب الحنابلة كما في "المغني" (٢): يستحب أن يبول قاعدًا لئلا يترشش، وفي "نيل المآرب" (٣): ولا يكره البول قائمًا ولو لغير حاجة بشرطين: الأول: أن يأمن تلويثًا، والثاني: أن يأمن ناظرًا، وقال عامة العلماء: إنه مكروه كراهة تنزيه إلا لعذر، وهو مذهب الحنفية، فلما كان مختلفًا فيه أثبت جوازه ولم يذكر للقعود دليلًا لكونه متفقًا عليه، وزاد لفظ القعود في الترجمة لئلا يوهم أفضليته، فإنه لو ترجم بالبول قائمًا وذكر فيه حديث الباب أوهم استحبابه لكونه فعله - صلى الله عليه وسلم -، انتهى ملخصًا من هامش "اللامع" بزيادة من "الأوجز" (٤).

[(٦١ - باب البول عند صاحبه. . .) إلخ]

وفي "تراجم (٥) شيخ المشايخ": الغرض من عقد الباب أن ما نقل عنه - صلى الله عليه وسلم - "أنه كان إذا تبرز أبعد في المذهب" مخصوص بالغائط لانكشاف العورة من كلا الجانبين، وأما عند البول فيجوز أن يبول مستترًا بالحائط وصاحبه خلفه، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٦٢٠).
(٢) "المغني" (١/ ٢٢٣).
(٣) "نيل المآرب" (١/ ٥٣).
(٤) انظر: "أوجز المسالك" (١/ ٦٤٩).
(٥) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>