للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنس في تتبع النبي - صلى الله عليه وسلم - الدباء من الصحفة، وهذا ظاهره يعارض الذي قبله في الأمر بالأكل مما يليه، فجمع البخاري بينهما بحمل الجواز على ما إذا علم رضاء من يأكل معه، ورمز بذلك إلى تضعيف حديث عكراش الذي أخرجه الترمذي حيث جاء فيه التفصيل بين ما إذا كان لونًا واحدًا فلا يتعدى ما يليه أو أكثر من لون فيجوز، وقد حمل بعض الشرَّاح فعله - صلى الله عليه وسلم - في هذا الحديث على ذلك فقال: كان الطعام مشتملًا على مرق ودباء وقديد، فكان يأكل مما يعجبه وهو الدباء، ويترك ما لا يعجبه وهو القديد، وحمله الكرماني على أن الطعام كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - وحده، قال: فلو كان له ولغيره لكان المستحب أن يأكل مما يليه. . .، إلى آخر ما بسط الحافظ.

[(٤ - باب التيمن في الأكل وغيره)]

حديث الباب ظاهر فيما ترجم له، وظن بعضهم أن في هذه الترجمة تكرارًا؛ لأنه تقدم في قوله: "باب التسمية، والأكل باليمين"، وقد أجاب عنه ابن بطال بأن هذه الترجمة أعمّ من الأولى؛ لأن الأولى لفعل الأكل فقط، وهذا لجميع الأفعال، فيدخل فيه الأكل والشرب بطريق التعميم، انتهى من "الفتح" (١).

[(٥ - باب من أكل حتى شبع)]

لعله أشار إلى إباحته لما ورد من ذمِّه في الروايات الكثيرة، قال الحافظ (٢): ذكر فيه ثلاثة أحاديث، قال ابن بطال: في هذه الأحاديث جواز الشبع وإن كان تركه أحيانًا أفضل، وقد ورد عن سلمان وأبي جحيفة: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "إن أكثر الناس شبعًا في الدنيا أطولهم جوعًا في الآخرة" أخرجه ابن ماجه (٣) بسند لَيّن، وأخرج عن ابن عمر نحوه، وفي سنده مقال أيضًا.


(١) "فتح الباري" (٩/ ٥٢٦).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٥٢٧، ٥٢٨).
(٣) "سنن ابن ماجه" (رقم ٣٣٥١).

<<  <  ج: ص:  >  >>