للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبري من الشافعية وابن المرابط من المالكية ومن تبعهما: إنه قول أنس - رضي الله عنه -، قاله ظنًا من قبل نفسه ولم يرفعه، وربما تأيّد ذلك عندهم بما أخرجه البيهقي من حديث أميمة - ويقال: أمة الله - بنت رزينة عن أمها: أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أعتق صفية وخطبها وتزوجها وأمهرها رزينة، وكان أتى بها مسبية من قريظة والنضير، وهذا لا يقوم به حجة لضعف إسناده، ومن المستغربات قول الترمذي بعد أن أخرج الحديث: وهو قول الشافعي وأحمد وإسحاق، قال: وكره بعض أهل العلم أن يجعل عتقها صداقها حتى يجعل لها مهرًا سوى العتق، والقول الأول أصح، وكذا نقل ابن حزم عن الشافعي، والمعروف عند الشافعية أن ذلك لا يصح لكن لعل مراد من نقله عنه صورة الاحتمال الأول، إلى آخر ما ذكر الحافظ.

قال القسطلاني (١): وقد تمسك بظاهر الحديث أبو يوسف وأحمد فقالا: إذا أعتق أمته على أن يجعل عتقها صداقها صح العقد والعتق والمهر على ظاهر الحديث، انتهى.

(١٤ - باب تزويج المُعْسِر)

قال الحافظ (٢): تقدم في أوائل كتاب النكاح: "باب تزويج المعسر الذي معه القرآن والإسلام" وهذه الترجمة أخص من تلك وعلّق هناك حديث سهل الذي أورده في هذا الباب مبسوطًا، وسيأتي شرحه بعد ثلاثين بابًا.

قوله: (لقوله تعالى: {إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ} [النور: ٣٢]) هو تعليل لحكم الترجمة، ومحصله أن الفقر في الحال لا يمنع التزويج لاحتمال حصول المال في المآل، والله تعالى أعلم، انتهى.

قلت: والظاهر عندي في غرض الترجمة أن المصنف أراد دفع توهم ما يتوهم من ظاهر قوله - عليه السلام -: "فمن لم يستطع فعليه صوم" وأوضح منه قوله


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٤١١).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ١٣١).

<<  <  ج: ص:  >  >>