للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وترجم بـ "باب من أين تؤتى الجمعة. . ." إلخ، قال الحافظ (١): يعني أن الآية ليست صريحة في بيان الحكم المذكور، فلذلك أتى في الترجمة بصيغة الاستفهام.

ويدخل في هذا الأصل عندي "باب هل ينبش قبور مشركي الجاهلية، وتتخذ مكانها مساجد؟ "، فإن الشرَّاح قاطبة جعلوا لفظ "هل" ههنا بمعنى "قد"؛ لأن الرواية الواردة في الباب نصٌّ في نبش قبور المشركين، والأوجه عندي أن لفظ "هل" ههنا بمعناه، وزاده الإمام البخاري على هذا الأصل الذي نحن بصدده، وذلك لأن مقتضى حديث الباب وهو نبش القبور ظاهر، لكن القصة لمبدأ الهجرة، السنة الأولى منها، وما سيأتي قريبًا من "باب الصلاة في مواضع الخسف والعذاب" وقعت السَّنَة التاسعة في غزوة تبوك، فالظاهر عندي أن الإمام البخاري لَمَحَ بلفظ "هل" إلى ذلك؛ فإن قبور المشركين محل العذاب لا محالة.

[٣٣ - الثالث والثلاثون: فيه عن فلان]

ما قال القسطلاني في مقدمة شرحه (٢) في بيان موضوعه وتفرُّده بمجموعه، وتراجمه البديعة المثال، والمنيعة المنال: إنه رحمة الله عليه التزم مع صحة الأحاديث استنباط الفوائد الفقهية والنكت الحكمية، فاستخرج بفهمه الثاقب من المتون معاني كثيرة فرّقها في أبوابه بحسب المناسبة، وانتزع منها الدلالات البديعة، وسلك في الإشارات إلى تفسيرها السبل الوسيعة، ومن ثَمَّ أخلى كثيرًا من الأبواب عن ذكر إسناد الحديث، واقتصر فيه على قوله: فلان عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ونحو ذلك؛ انتهى مختصرًا.

قال الشارح: قوله: و"من ثم أخلى" أي: من كون غرضه الاستنباط منها، والاستدلال لأمور أرادها، لا خصوص ذكر الأحاديث فقط، انتهى.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٣٨٥).
(٢) "إرشاد الساري" (١/ ٤٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>