للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

انفصال الولد، وعن أبي حنيفة إناطته بحولين ونصف، وعن زفر بثلاثة، وعن مالك بزيادة أيام بعد الحولين، وعنه بزيادة شهر وشهرين، ورواية بثلاثة أشهر لأنه يغتفر بعد الحولين مدة يدمن فيها الطفل على الفطام لأن العادة أن الطفل لا يفطم دفعة واحدة بل على التدريج، وقيل: لا يزاد على الحولين، وهو رواية ابن وهب عن مالك وبه قال الجمهور، لحديث ابن عباس عند الدارقطني مرفوعًا: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين"، وللترمذي وحسّنه: "لا رضاع إلا ما فتق الأمعاء، وكان قبل الحولين"، وأما حديث سهلة السابق بعضه في "باب الأكفاء في الدين" أنها قالت: يا رسول الله إنا كنا نرى سالمًا ولدًا وقد أنزل الله فيه ما قد علمت فإذا تأمرني؟ فقال: "أرضعيه خمس رضعات يحرم بهن عليك" ففعلت فكانت تراه ابنًا، فأجاب عنه الشافعي وغيره بأنه مخصوص بسالم، قال القاضي: ولعل سهلة حلبت لبنها فشربه من غير أن يمص ثديها ولا التقت بشرتاهما، قال النووي: وهو حسن، ويحتمل [أنه] عفي عن مسه لحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبر، انتهى.

قوله: (وما يحرم من قليل الرضاع وكثيره) تمسكًا بعمومات أحاديث كحديث الباب، وهو قول مالك وأبي حنيفة ومشهور مذهب أحمد، وذهب آخرون إلى أن الذي يحرم ما زاد على رضعة، وورد عن عائشة عشر رضعات، أخرجه مالك في "الموطأ"، وعنها أيضًا: سبع، أخرجه ابن أبي خيثمة بإسناد صحيح، وعنها أيضًا في مسلم: "كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات ثم نسخن بخمس رضعات محرمات" الحديث، وإلى هذا ذهب إمامنا الشافعي رحمه الله تعالى، انتهى، قاله القسطلاني (١).

في هامش النسخة "الهندية" عن الكرماني: مذهب البخاري أن الحرمة تثبت برضعة واحدة وعليه أبو حنيفة ومالك وقد صرَّح في الترجمة به، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٣٧)، و"شرح الكرماني" (١٩/ ٨٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>