للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ في "البذل" (١): وإليه ذهبت عائشة وعروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والليث بن سعد وابن علية، وحكاه النووي عن داود الظاهري، وإليه ذهب ابن حزم، انتهى.

فههنا مسألتان: الأولى: اختلافهم في أقصى مدة الرضاع، وهي التي ذكرها الشرَّاح ههنا، والثانية: مسألة رضاعة الكبير.

قال الحافظ (٢): أشار بهذا إلى قول الحنفية: إن أقصى مدة الرضاع ثلاثون شهرًا، وحجتهم قوله تعالى: {وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا} [الأحقاف: ١٥] أي: المدة المذكورة لكل من الحمل والفصال، وهذا تأويل غريب، والمشهور عند الجمهور أنها تقدير مدة أقل الحمل وأكثر مدة الرضاع، وإلى ذلك صار أبو يوسف ومحمد بن الحسن ويؤيد ذلك أن أبا حنيفة لا يقول: إن أقصى الحمل سنتان ونصف، وعند المالكية رواية توافق قول الحنفية لكن منزعهم في ذلك أنه يغتفر بعد الحولين مدة يدمن الطفل فيها على الفطام؛ لأن العادة أن الصبي لا يفطم دفعة واحدة، بل على التدريج في أيام قليلات، فللأيام التي يحاول فيها فطامه حكم الحولين، ثم اختلفوا في تقدير تلك المدة، قيل: يغتفر نصب سنة، وقيل: شهران، وقيل: شهر ونحوه، وقيل: أيام يسيرة، وقيل: شهر، وقيل: لا يزاد على الحولين، وهي رواية ابن وهب عن مالك، وبه قال الجمهور، ومن حجتهم حديث ابن عباس رفعه: "لا رضاع إلا ما كان في الحولين" أخرجه الدارقطني وقال: لم يسنده عن ابن عيينة غير الهيثم بن جميل وهو ثقة حافظ، إلى آخر ما بسط في فروع المسألة.

وقال القسطلاني (٣): وقد ورد ظواهر أحاديث تمسك بها العلماء، فذهب الشافعي والجمهور إلى إناطة الحكم بالحولين بالأهلة من تمام


(١) "بذل المجهود" (٧/ ٦١٦).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ١٤٦).
(٣) "إرشاد الساري" (١١/ ٤٣٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>