للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ما يورده من تفسير الغريب إنما ينقله عن أهل ذلك الفن؛ كأبي عبيدة والنضر بن شميل وغيرهما، وأما المباحث الفقهية فغالبها مستمد له من الشافعي وأبي عبيد وأمثالهما.

والعجب من دعوى الكرماني أنه لا يقصد تحسين الترتيب بين الأبواب، مع أنه لا يعرف لأحد من المصنفين على الأبواب من اعتنى بذلك غيره، حتى قال جمع من الأئمة: فقه البخاري في تراجمه، وقد أبديت في هذا الشرح من محاسنه وتدقيقه في ذلك ما لا خفاء به، وقد أمعنت النظر في هذا الموضع فوجدته في بادئ الرأي يظن الناظر فيه أنه لم يعتن بترتيبه كما قال الكرماني، لكنه اعتنى بترتيب كتاب الصلاة اعتناءً تامًا كما سأذكره هناك.

وقد يتلمح أنه ذكر أولًا فرض الوضوء وأنه شرط لصحة الصلاة، ثم فضله وأنه لا يجب إلا مع التيقن، وأن الزيادة فيه على إيصال الماء [إلى العضو] ليس بشرط، وأن ما زاد على ذلك من الإسباغ فضل، ومن ذلك الاكتفاء في غسل بعض الأعضاء بغرفة واحدة، وأن التسمية مع أوله مشروعة كما يشرع الذكر عند دخول الخلاء فاستطرد من ههنا لآداب الاستنجاء وشرائطه، ثم رجع ليبيِّن أن واجب الوضوء المرة الواحدة وأن الثنتين والثلاث سُنَّة.

ثم ذكر سُنَّة الاستنثار وإشارةً إلى أن الابتداء بتنظيف البواطن قبل الظواهر، وورد الأمر بالاستجمار وترًا في حديث الاستنثار فترجم به؛ لأنه من جملة التنظيف، ثم رجع إلى حكم التخفيف فترجم بغسل القدمين لا بغسل الخفين إشارةً إلى أن التخفيف لا يكفي فيه المسح دون مسمَّى الغسل، ثم رجع إلى المضمضة؛ لأنها أخت الاستنشاق، ثم استدرك بغسل العقبين لئلا يظن أنهما لا يدخلان في مسمَّى القدم، وذكر غسل الرجلين في النعلين ردًا على من قصر في سياق الحديث المذكور فاقتصر على النعلين.

ثم ذكر فضل الابتداء باليمين، ومتى يجب طلب الماء للوضوء، ثم

<<  <  ج: ص:  >  >>