للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ذكر حكم الماء المستعمل وما يوجب الوضوء، ثم ذكر الاستعانة في الوضوء، ثم ما يمتنع على من كان على غير وضوء، واستمر على ذلك إذا ذكر شيئًا من أعضاء الوضوء استطرد منه إلى ما به تعلق لمن يمعن التأمل، إلى أن أكمل كتاب الوضوء على ذلك، وسلك في ترتيب الصلاة أسهل من هذا المسلك، فأورد أبوابها ظاهرة التناسب في الترتيب، فكأنه تفنن في ذلك، انتهى.

وقال العيني في "باب غسل الوجه باليدين" (١): إن قلت: ما وجه المناسبة بين البابين؟

قلت: المناسبة بين البابين المذكورين وبين أكثر أبواب كتاب الوضوء غير ظاهرة، ولذلك قال الكرماني، فذكر قوله، ثم قال: لا نسلم أن جملة قصده نقل الحديث وما يتعلق بتصحيحه فقط، بل معظم قصده ذلك مع سرده في أبواب مخصوصة، ولذا بوَّب الأبواب على تراجم معينة، حتى وقع منه تكرار كثير لأجل ذلك، فإذا كان الأمر كذلك ينبغي أن تتطلب وجوه المناسبات بين الأبواب، وإن كانت غير ظاهرة بحسب الظاهر، فنقول: وجه المناسبة بين البابين المذكورين من حيث إن من جملة المذكور في الباب الأول بعض وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، وفي هذا الباب أيضًا وصف وضوء النبي - صلى الله عليه وسلم -، فإن ابن عباس لما توضأ قال: هكذا رأيت النبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ، فهذا المقدار من الوجه كاف على أن المناسبة العامة موجودة بين الأبواب كلها لكونها من واد واحد، ثم توجيه المناسبات الخاصة إنما يكون بقدر الإدراك، انتهى.

وقال (٢) أيضًا في موضع آخر رادًا على الكرماني: فالمتأمل إذا أمعن النظر عرف وجوه المناسبات بين الأبواب، وإن كان الوجه يوجد في بعضها ببعض التكلف، فنقول: ذكر عقب كتاب الوضوء ستة أبواب ليس فيها شيء


(١) "عمدة القاري" (٢/ ٣٧١).
(٢) "عمدة القاري" (٢/ ٣٧٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>