للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من أوصاف الوضوء، وإنما هي كالمقدمات لها، ثم ذكر الباب السابع الذي فيه صفة الوضوء، وكان ينبغي أن يذكره بعد أبواب الاستنجاء في أثناء أبواب صفة الوضوء، ولكنه ذكره بعد الباب السادس بطريق الاستطراد، انتهى.

وأنت ترى ما أبدى الحافظ من المناسبات أعمق مما ذكره العلامة العيني، ومن يمعن الفكر في هذه الأبواب يجد فيها مناسبات أدق مما ذكره الحافظ أيضًا، فالظاهر عند هذا الفقير أن المصنف ذكر هذا الباب بعد إسباغ الوضوء إشارةً إلى أنه يحتاج للإسباغ إلى معاونة اليدين، فكان هذا الباب عندي تكملة لباب الإسباغ المذكور قبل، وهكذا في جملة أبواب الوضوء ذكر الباب الظاهر فيه عدم المناسبة لمناسبة لطيفة لما قبله، على أنه لا يبعد أنه أشار بخلاف الترتيب في ذكر أبواب الوضوء وبالتفريق بين أبوابها على أن الترتيب والولاء ليسا بشرط في الوضوء، فتأمل فإنه إن شاء الله لطيف وخاطري أبو عذره.

وهكذا في باب التسمية هذا لا يرد عندي ما أورده من أنه كان حقُّه أن يذكر قبل غسل الوجه؛ لأن باب غسل الوجه عندي تكملة لباب الإسباغ، ومن ههنا شرعت أبواب آداب الاستنجاء، فذكر أول أدبه التسمية، فأصل الغرض منه التسمية عند الخلاء، وإن ثبت منه التسمية على الوضوء أيضًا بالطريق الأولى، فكأن المصنف ذكر أولًا أبواب الوضوء إجمالًا من كونه فرضًا وندب الإسباغ وغيره، ثم ابتدأ بالخلاء؛ لأنه مقدم على الوضوء، وهكذا في الأبواب الآتية إلا أنه لما ذكر مسألة في محل لمناسبة لا يعيدها مرة أخرى لحصول المقصود بذكرها، ولذا لا يعيد غسل الوجه بعد ذلك، فتأمل وتشكر فإنه لطيف.

ثم الترجمة التي نحن بصددها، فالمشايخ والشرَّاح على أن المقصود منها التسمية على الوضوء، ثم أوردوا عليها أن حقَّها كان قبل غسل الوجه، وقد عرفت أن المقصود منها عندي التسمية عند الخلاء، ولذا قدَّمها على

<<  <  ج: ص:  >  >>