للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أولاهما: إثبات الوضوء بالنوم، والثانية: عدم الوضوء بالنعسة، والرواية بظاهرها لا تدل على واحدة منهما، وظاهر كلام الشيخ أنه جعل الترجمة مسألة واحدة وهي الأولى، وإثباتها بما قرره ظاهر، وهو عدم الإدراك بخروج الريح، وهو الموجب للوضوء في النوم.

وظاهر كلام شيخ المشايخ في "التراجم" (١) أنه أيضًا جعل الترجمة مسألة واحدة لكنها هي الثانية إذ قال: استدل المؤلف بظاهر الحديث فإنه - صلى الله عليه وسلم - لما علل قوله: "فليرقد" بقوله: "فإن أحدكم. . ." إلخ، مع قرب التعليلات لصيرورته محدثًا إلى الذهن، علم أن الحدث لا يتحقق بالنعسة، وإلا لما ترك التعليل الذي هو أقرب ذاهبًا إلى ما علل به، وأمثال هذه الاستدلالات للمؤلف كثيرة فاحفظ فإنه ينفعك، انتهى.

وهذا هو الأصل السادس والثلاثون من أصول التراجم.

وحكى الكرماني (٢) عن ابن بطال في إثبات الترجمة أنه لما أوجب عليه الصلاة والسلام قطع الصلاة لغلبة النوم دلّ أنه إذا كان النعاس أقل من ذلك ولم يغلب عليه أنه معفو، ولا وضوء فيه.

قال الكرماني: وأقول: سمَّاه النبي - صلى الله عليه وسلم - مصليًا حالة النعاس، فعلم أن النعاس ليس بحدث، وقال: ذكر - صلى الله عليه وسلم - العلة الموجبة للقطع أن يخلط الاستغفار بالسب، فصار بمنزلة من لا يعلم ما يقول من سكر الخمر الذي نهي عن مقاربة الصلاة فيها، ومن كان كذلك لا تجوز صلاته، انتهى مختصرًا.

قال الحافظ (٣): وحمله المهلب على ظاهره فقال: إنما أمر بقطع الصلاة لغلبة النوم عليه، فدل على أنه إذا كان النعاس أقل من ذلك عفي عنه، انتهى.


(١) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٩٠).
(٢) "شرح الكرماني" (٣/ ٦١).
(٣) "فتح الباري" (١/ ٣١٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>