للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وعلى هذا يثبت الجزءان من الترجمة، وأثبتهما السندي (١) أيضًا لكن بطريق آخر قريب مما أفاده شيخ المشايخ إذ قال: كأن المصنف استدل بالحديث على أن النعاس لا ينقض الوضوء، إذ لو كان ناقضًا لما منع الشارع عن الصلاة خشية السب، بل وجب أن يذكر أنه لا تصح صلاته مع النعاس لانتقاض الوضوء، فإذا لم ينتقض به تعين أن يكون الانتقاض بالنوم إذ لا مساغ للقول بعدم الانتقاض أصلًا، انتهى.

وفي تقرير مولانا محمد حسن المكي رحمه الله تعالى قوله: الوضوء من النوم، ولم يورد لهذا حديثًا لشهرته فاكتفى فيه بالشهرة، وجاز أن يكون المراد باب حكم الوضوء من النوم، أي: نوم المصلي، ونوم المصلي؛ كالنعاس في عدم استرخاء المفاصل، فلما لم يكن النعاس ناقضًا كما ثبت بالحديث لم يكن نوم المصلي أيضًا ناقضًا بالقياس عليه، انتهى، وهو دقيق جدًا، وعلى هذا يكون الترجمة جزءًا واحدًا، وهو نوم المصلي خاصة، ويكون ذكر النعسة كالدليل له، ويكون رأي الإمام البخاري موافقًا لما يأتي من مذهب الحنفية أن النوم على هيئة الصلاة ليس بناقض.

ثم قال الحافظ (٢): ظاهر كلام البخاري أن النعاس يسمى نومًا، والمشهور التفرقة بينهما، وأن من قرَّت حواسه بحيث يسمع كلام جليسه ولا يفهم معناه فهو ناعس، وإن زاد على ذلك فهو نائم.

قوله: (أو الخفقة) بفتح المعجمة وإسكان الفاء، قال ابن التين: هي النعسة، وإنما كرر لاختلاف اللفظ كذا قال، والظاهر أنه من الخاص بعد العام، قال أهل اللغة: خفق رأسه إذا حركها وهو ناعس، انتهى.

ولذا قال شيخ الإسلام في شرحه: الخفقة: منتهى النعاس، انتهى ما في هامش "اللامع".

وبسط فيه بعد ذلك اختلاف الأئمة في نقض النوم.


(١) "حاشية السندي" (١/ ٥١).
(٢) "فتح الباري" (١/ ٣١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>