للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يأت له بحديث، ولا بذكر حديث تقبل وتدبر أيضًا؛ لأنه داخل في الباب السابق، وعلى وجود الباب كما في نسخنا فلا إشكال أيضًا لكونه بابًا في باب، وهو أصل معروف مطرد كما تقدم في الأصل السادس من أصول التراجم في الجزء الأول.

قوله: (يغرف له به) استدل بذلك المصنف على طهارة سؤر الكلب، ولا يتم الاستدلال إلا بعد ثبوت أن شرع من قبلنا حجة لنا وأنه لم ينسخ مع احتمال أنه صبَّه في شيء وسقاه أو غسل خفه بعد ذلك أو لم يلبسه بعد، كذا في "الفتح" (١).

وكتب الشيخ في "اللامع" (٢): ولم يثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - حين ذكر ذلك ذكر أن خفه تنجس بفعله ذلك، وكذلك قوله في الرواية الآتية: "فقتل فكل" ولا شك أنه يمسكه بفيه، ولم يثبت أنه ذكر تنجسه، ولا أن يقطعه فيقذفه، فكان تقريرًا منه بطهارته.

والجواب: أنه استغنى بذكره قبل ذلك بغسل الإناء من ولوغ الكلب عن إعادته، ومثل ذلك كثير، أفهل ذكر ههنا أن لا يأكل روثه وبوله وسائر ما لا يجوز أكله من أجزائه، وإنما اكتفى على قوله: "كل" بل المذكور في بعض الروايات: "كل ما أمسك عليك" فأورد فعل الأكل على الحيوان بأسره، أفكان ذلك أمرًا بأكل كله؟ فالجواب الجواب والخلاص الخلاص، انتهى.

وبسط الكلام في هامشه على فقه الحديث ومذاهب الأئمة.

قوله: (إذا أرسلت كلبك) وجه الاستدلال أنه عليه الصلاة والسلام أمر بأكله ولم يقيِّده بغسل موضع فمه، ولا يتم الاستدلال؛ لأن الحديث سيق لإباحة صيده؛ ولا تعرض فيه للطهارة والنجاسة، والدليل عليه أنه لم يقل اغسل الدم إذا خرج من جرح نابه، فوكله إلى ما تقرر من وجوب غسل


(١) "فتح الباري" (١/ ٢٧٨).
(٢) "لامع الدراري" (٢/ ١٢٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>