للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

العسل باللبن ليس بخليطين؛ لأن اللبن لا ينبذ، واختلف في الخليطين بالتخليل، انتهى.

قال العلامة العيني (١): قلت: في هذا الباب أقوال: أحدها: أنه يحرم، وبه قال مالك والشافعي وأحمد وإسحاق، والثاني: يحرم خليط كل نوعين مما ينتبذ في الانتباذ، وبعد الانتباذ لا يخص شيء، وهو قول بعض المالكية، والثالث: أن النهي محمول على التنزيه، وأنه ليس بحرام ما لم يصر مسكرًا، وقال شيخنا زين الدين: حكاه النووي عن مذهبنا وأنه قول جمهور العلماء، الرابع: روي عن الليث أنه قال: لا بأس أن يخلط نبيذ الزبيب ونبيذ التمر ثم يشربان جميعًا، وإنما جاء النهي عن أن ينتبذا جميعًا لأن أحدهما يشد صاحبه، الخامس: أنه لا كراهة في شيء من ذلك، وهو قول أبي حنيفة في رواية عن أبي يوسف.

قال النووي: أنكر عليه الجمهور وقالوا: هذه منابذة لصاحب الشرع، فقد ثبتت الأحاديث الصحيحة الصريحة في النهي عنه، فإن لم يكن حرامًا كان مكروهًا.

قلت: هذه جرأة شنيعة على إمام أجلّ من ذلك، وأبو حنيفة لم يكن قال ذلك برأيه، وإنما مستنده في ذلك أحاديث، ثم ذكر العلامة العيني تلك الأحاديث.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "الكوكب" (٢): قوله: "نهى عن أن ينتبذ البسر والرطب. . ." إلخ، هذا النهي كالنهي عن الانتباذ في الظروف كان في أول الأمر لما فيه بعد الخلط من قوة فيسرع الاشتداد، ثم صار الأمر واسعًا غير أن المسكر حرام أيًّا ما كان، انتهى.

وفي هامشه عن "الهداية": لا بأس بالخليطين لما روي عن ابن زياد أنه قال: سقاني ابن عمر شربة ما كدت أهتدي إلى أهلي، فغدوت إليه


(١) "عمدة القاري" (١٤/ ٦٠٣).
(٢) "الكوكب الدري" (٣/ ٣٥، ٣٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>