للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والمراد بالمسافة الواقعة بينهما هي المسافة بين موضع سجوده والجدار، ولا مانع عن حمله على المفعول درايةً، ولعل الرواية لا تساعد عليه، والمراد بالمصلي جملة ما يكون من مقام المصلي إلى موضع سجوده، فالمقصود على الوجهين جميعًا بيان ما بين الجدار وموضع الجبهة من الأرض، والمراد بقوله: "ممر الشاة" أي: يمكن لها المرور على عسرة ودقة، وفي الرواية الآتية: لا تكاد تمر بسهولة وسعة، أو المراد أنه كان بحيث يمكن فيه مرور الهزيلة والصغيرة، ولا يمكن ممر الكبيرة والسمينة، فالنفي راجع إلى غير ما رجع إليه الإثبات وإن بنى الأمر على أنه تخمين من الكل حسب ظنه، أو أنه تقريب فقط، فالأمر أسهل من أن يجاب، انتهى.

قال الحافظ (١): لفظ المصلي بكسر اللام ويحتمل الفتح، وتعقب عليه العيني (٢): بقوله: هذا احتمال أخذه من كلام الكرماني، ثم رد عليه، واقتصر القسطلاني (٣) على كسر اللام، وهذا كله في الترجمة، وأما في الحديث فبالفتح لا غير.

والأوجه عندي: أن الإمام البخاري أشار في الترجمة حيث بوَّب المصلي بكسر اللام إلى اختلاف بين العلماء في أن هذا المقدار بين السترة وبين موضع السجود أو بينهما وبين موضع القيام، وبالأول قالت الجمهور، وبالثاني قال بعض المالكية، ولذا قال: ينبغي أن يكون الشبر بينه وبين السترة وهو قائم، فإذا ركع تأخر بثلاثة أذرع، قال: والتأخر وإن كان عمدًا لكنه لمصلحة الجمع بين الحديثين، لكن قال السندي (٤): هذا بعيد ما لوجه أن يحمل المصلى على موضع السجود، وما في بعض الروايات من لفظ موضع القيام تصرف من الرواة، انتهى.


(١) "فتح الباري" (١/ ٥٧٤).
(٢) "عمدة القاري" (٣/ ٥٧٣).
(٣) انظر: "إرشاد الساري" (٢/ ١٧٠).
(٤) انظر: "حاشية السندي على صحيح البخاري" (١/ ٩٧).

<<  <  ج: ص:  >  >>