للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

برفع الحرج مقيد بالجاهل أو الناسي، فيحتمل اختصاصهما بذلك، أو إلى أن نفي الحرج لا يستلزم رفع وجوب القضاء أو الكفارة، وكأنه أشار بلفظ النسيان والجهل إلى ما ورد في بعض طرق الحديث، وأما قوله: "إذا رمى بعد ما أمسى" فمنتزع من حديث ابن عباس في الباب، قال: "رميت بعد ما أمسيت" أي: بعد دخول المساء وهو يطلق على ما بعد الزوال إلى أن يشتد الظلام، فلم يتعين لكون الرمي المذكور كان بالليل، انتهى.

قال العلامة العيني (١): الترجمة مشتملة على حكمين: أحدهما: رمي جمرة العقبة بالليل، والآخر: الحلق قبل الذبح؛ أما الأول فقد أجمع العلماء على من رمى جمرة العقبة من طلوع الشمس إلى الزوال يوم النحر فقد أصاب سُنَّتها ووقتها المختار، وأجمعوا أن من رماها يوم النحر قبل المغيب فقد رماها في وقت لها، وإن لم يكن ذلك مستحسنًا له، واختلفوا فيمن أخّر رميها حتى ضربت الشمس يوم النحر، فروي عن مالك أنه كان يقول مرة: عليه دم، ومرة: لا، وقال الثوري: من أخّرها عامدًا إلى الليل فعليه دم، وقال أبو حنيفة والشافعي: يرميها من الغد ولا شيء عليه، وقد أساء، سواء تركها عامدًا أو ناسيًا، وقال ابن قدامة: إن أخّر جمرة العقبة إلى الليل لا يرميها حتى تزول الشمس من الغد، وبه قال أبو حنيفة، وقال الشافعي ومحمد: يرمي ليلًا لقوله: "ولا حرج"، انتهى.

وفي هامش "اللامع" (٢): اختلف في وقت الرمي في هذا اليوم بدايةً ونهايةً، قال الموفق: لرمي هذه الجمرة وقتان: وقت فضيلة ووقت إجزاء، أما وقت الفضيلة، فبعد طلوع الشمس، وأما وقت الجواز فأوله نصف الليل من ليلة النحر، أي: عند أحمد، وبذلك قال الشافعي، وعن أحمد: يجزئ بعد الفجر قبل طلوع الشمس وهو قول مالك وأصحاب الرأي، وقال الثوري والنخعي: لا يرميها إلا بعد طلوع الشمس، انتهى.


(١) "عمدة القاري" (٧/ ٣٤٩، ٣٥٠).
(٢) "اللامع" (٥/ ٢٢٧، ٢٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>