للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصلاة والسلام يحتمل أن يكون لشيء علق بيده الشريفة، أو لتقليل فلعله كثر، ويحتمل أن يكون لبيان التشريع، ومن ثم تمسك به من أجاز التيمم بغير التراب زاعمًا أن نفخه يدل على أن المشترط في التيمم الضرب من غير زيادة على ذلك، فلما كان هذا الفعل محتملًا لما ذكر أورده بلفظ الاستفهام، انتهى.

وبه قال العيني (١) مع ترجيح الثالث وإضافة الرابع أنه لا وجه له إذ قال: وتبويب البخاري أيضًا بالاستفهام غير سديد، انتهى مختصرًا.

ولا يبعد عندي أنه أشار بلفظ: "هل" إلى أن ظاهر الحديث النفخ، وقد ورد في فضل تراب العبادات روايات كثيرة، منها أحاديث غبار الجهاد، ومنها قوله - صلى الله عليه وسلم - لمعاذ: "عفِّر وجهك في التراب"، وغير ذلك من الروايات.

قال الحافظ (٢): والفرق بينهما أن التنظيف مطلوب شرعًا، والغبار أثر الجهاد وإذا انقضى فلا معنى لبقائه، بخلاف الوضوء فالمقصود منه الصلاة، فاستحب بقاء أثره حتى يحصل المقصود فافترقا، انتهى.

وهذا المعنى بعينه موجود في التيمم، ولذا أشار إليه الإمام البخاري بلفظ "هل" عندي.

وفي "تراجم (٣) شيخ المشايخ": النفخ مستحب إذا تعلق بالأعضاء غبار كثير تحرزًا عن المثلة، انتهى.

كأنه أشار إلى الوجه الثاني من الوجوه المذكورة في كلام الحافظ، وبه جزم الكرماني (٤)، ويمكن عندي وجه آخر أيضًا، يليق بشأن البخاري، وهو أن نفخه - صلى الله عليه وسلم - في حديث الباب ليس لتراب التيمم؛ لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يتيمم إذ


(١) "عمدة القاري" (٣/ ٢٠٦).
(٢) "فتح الباري" (٦/ ٣٠).
(٣) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ١٣٨).
(٤) انظر: "شرح الكرماني" (٣/ ٢١٩).

<<  <  ج: ص:  >  >>