للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

"قال" ما سيأتي من قوله: لا، ويؤيده ما تقدم من السياق في كتاب الشروط بلفظ: "قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: قال موسى رسول الله" الحديث، انتهى.

قوله: (ثم ذبحه بالسكين) ولا يخالف هذا سائر الروايات الأخر التي صرَّح فيها بأنه اقتلعه؛ إذ يمكن أن يكون قطعه قليلًا ثم اقتلعه ليتفصم ما بقي منه متعلقًا بجسده، انتهى.

وفي هامشه: وبذلك جمع عامة الشرَّاح بين تلك الروايات المختلفة فقد قال العيني (١): فإن قلت: قال أولًا: فقتله ثم قال: فذبحه، وفي رواية سفيان: فاقتلعه بيده" قلت: لا منافاة بينهما لأنه لعله قطع بعضه بالسكين، ثم قلع الباقي، والقتل يشملهما، انتهى.

قوله: (لو شئت لاتخذت) كتب الشيخ في "اللامع" (٢): ولا يتوهم أن موسى كيف قصد أخذ الأجر على هذا الفعل القليل وهو إشارة باليد وأنه لو أخذ منهم شيئًا عليه لما أغناهم فكانوا ثلاثة لقلته؛ لأنا نقول: إنه عليه الصلاة والسلام قصد بذلك أنك لو شئت لكلمت بهم في إجارة إقامة الجدار وتسويتها، ولا شك أنهم إذا استأجروه لإقامته لجعلوا له على عمله هذا قدرًا معلومًا من الأجر معتدًا به، فإذا استقر الأمر أقام بالإشارة فحسب ليكون ذلك سببًا لغدائهم وطعامهم، لا يقال إن موسى لم يصبر على الجوع وتبادر إلى الأسباب واستغنى عنه الخضر وكان موسى أفضل منه من غير شك؛ لأنا نقول التوكل هو ترك الاعتماد لا ترك الأسباب، فإن موسى وإن نظر إلى الأسباب إلا أنه لم يعتمد عليه، فكان توكل موسى أكثر من توكل الخضر لتركه الأسباب أصلًا، وكان توكل موسى مع مباشرة الأسباب، وهذا أعلى مراتبه، وأيضًا فإن الخضر لكشفه كان ينظر إلى مطعمه وموضع غدائه أين هو؟ فلم يفزع إليه، وكان موسى نبي الله لا ينظر إليه فكان أمره


(١) "عمدة القاري" (١٣/ ١٣٩).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٢٥ - ١٢٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>