للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والرازق صادق عليه تعالى بالحقيقة الشرعية، والبحث إنما هو فيها لا في الحقيقة اللغوية، فألزموه بتجويز إطلاق اسم الفاعل على من لم يقم به الفعل، فأجاب بأن الإطلاق هنا شرعي لا لغوي.

قال الحافظ ابن حجر (١): وتصرف البخاري في هذا الموضع يقتضي موافقة [القول] الأول، والصائر إليه يسلم من الوقوع في مسألة وقوع حوادث لا أول لها، وبالله التوفيق.

وسقط لأبي ذر قوله: "هو المكون"، وسقط من بعض النسخ قوله: "وفعله"، قال الكرماني (٢): وهو أولى ليصح لفظ غير مخلوق، قال في "فتح الباري": سياق المؤلف يقتضي التفرقة بين الفعل وما ينشأ عن الفعل، فالأول من صفات الفاعل، والباري غير مخلوق، فصفاته غير مخلوقة، وأما مفعوله وهو ما ينشأ عن فعله فهو مخلوق، ومن ثم عقبه بقوله: "وما كان بفعله وأمره. . ." إلخ.

وقال المصنف في كتابه "خلق أفعال العباد" (٣): واختلف الناس في الفاعل والمفعول، فقالت القدرية: الأفاعيل كلها من البشر، وقالت الجبرية: كلها من الله تعالى، وقالت الجهمية: الفعل والمفعول واحد، ولذلك قالوا: كن مخلوق، وقال السلف: التخليق فعل الله، وأفاعيلنا مخلوقة، ففعل الله صفة الله، والمفعول من سواه من المخلوقات، انتهى.

قلت: وعلم من ذلك الفرق بين هذه الترجمة وبين ما تقدم، كما سبق إليه الإشارة، وأن هذه الترجمة في هذا المعنى موافق لقول أبي حنيفة، كما جزم به الحافظ وتبعه القسطلاني، وأما ابن بطال فقال (٤): غرضه بيان أن جميع السماوات والأرض وما بينهما مخلوق؛ لقيام دلائل الحدوث عليها، ولقيام البرهان على أنه لا خالق غير الله، وبطلان قول من يقول: إن الطبائع


(١) "فتح الباري" (١٣/ ٤٤٠ و ٤٣٩).
(٢) "شرح الكرماني" (٢٥/ ١٦١).
(٣) (ص ١١٢).
(٤) "شرح ابن بطال" (١٠/ ٤٧٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>