للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ممن قاله، والتصريح عن أنس في الرواية الماضية أنه كان يبكر بها مطلقًا، إلى آخر ما بسطه الحافظ.

وقال أيضًا في "باب الصلاة قبل العيد وبعدها" (١): أورد فيه أثر ابن عباس: أنه كره الصلاة قبل العيد، وحديثه المرفوع في ترك الصلاة قبلها وبعدها، ولم يجزم بحكم ذلك؛ لأن الأثر يحتمل أن يراد به منع التنفل أو نفي الراتبة، وعلى المنع فهل هو لكونه وقت كراهة أو لِأَعَمّ من ذلك؟ ويؤيد الأول الاقتصار على القبل، وأما الحديث فليس فيه ما يدل على المواظبة، فيحتمل اختصاصه بالإمام دون المأموم، أو بالمصلَّى دون البيت، وقد اختلف السلف في جميع ذلك، انتهى.

كذا أفاد، وكأنه حمل عدم الجزم بالحكم على الاحتمالات الواردة في الأثر والحديث، كما صرح بذلك، لكن الأوجه عندي أن هذا الباب من الأصل الخامس والثلاثين، فإن الحافظ أقرَّ بنفسه اختلاف السلف في جميع ذلك.

وقال الحافظ أيضًا في "باب إذا أسلمت المشركة أو النصرانية تحت الذمِّي أو الحربي" (٢)، ولم يجزم بالحكم، لإشكاله. بل أورد الترجمة مورد السؤال فقط، وقد جرت عادته أن دليل الحكم إذا كان محتملًا لا يجزم بالحكم، انتهى.

قلت: ولهذا الأصل أيضًا نظائر في "الصحيح"، وهذا غير الأصل الرابع، إذ عدم الجزم فيه كان لاختلاف الروايات، وغير الأصل الخامس والثلاثين أيضًا؛ لأن عدم الحكم فيه كان لاختلاف العلماء في ذلك، وكذا غير السابع والأربعين إذ فيه عدم الجزم للتوسع، فلا التباس بين الأصول الثلاثة.


(١) "فتح الباري" (٢/ ٤٧٦).
(٢) "فتح الباري" (٩/ ٤٢٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>