للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من ذكر المفاضلة بين الحب العقلي والحب العشقي، ففضّل مولانا محمد إسماعيل الشهيد رحمه الله تعالى في كتابه "الصراط المستقيم" الحب العقلي على الحب العشقي؛ لأن الحب العشقي يضمحل بعد وصال المحبوب، بخلاف العقلي فإنه باقٍ لبقائه، وعكسه سيد هذه الطائفة مولانا الحاج إمداد الله المهاجر المكي نوَّر الله مرقده مستدلًا بأن الحب العقلي متناهٍ لتناهي العقل، ولذا قال علي - رضي الله عنه -: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينًا، وإنما قاله في الحب العقلي، بخلاف الحب العشقي فإنه لا يتناهى لعدم ذات المحبوب وصفاته.

وقال العارف المحدث الكَنكَوهي: كلا الكلامين حسنان جيدان، إلا أن الحب العشقي مع كونه معمورًا بالفضائل لا ينتظم معه الأمر، ولذا لا تبقى رعاية الحدود الشرعية معه، ولذلك أختار الحب العقلي ما دام يحتاج إلى الأعمال، وأما في وقت الوفاة فاختاروا حب غلبة الحب العشقي، انتهى.

(من والده. . .) إلخ، قَدّمه للأكثرية؛ لأن كل أحد له والد من غير عكس، أو نظرًا إلى جانب التعظيم، أو لسبقه في الزمان، وعند النسائي بتقديم الولد لمزيد الشفقة، كذا في "القسطلاني" و"الفتح" (١)، وفي "التراجم" للشاه ولي الله المحدث الدهلوي: قَدَّم الوالد للأكثرية، أو لأنه - صلى الله عليه وسلم - في حكم الوالد (٢)، انتهى.

قال النووي (٣): ذكر ابن بطال وغيره أن المحبة ثلاثة أقسام: محبة إجلال وإعظام كمحبة الوالد، ومحبة شفقة ورحمة؛ كمحبة الولد، ومحبة استحسان واستلذاذ؛ كمحبة سائر الناس، فجمع النبي - صلى الله عليه وسلم - في هذه الألفاظ أصناف المحبة، انتهى.


(١) انظر: "فتح الباري" (١/ ٥٨)، و"إرشاد الساري" (١/ ١٦٣).
(٢) "شرح تراجم أبواب البخاري" (ص ٢٨).
(٣) "شرح صحيح مسلم" (١/ ٢٩١).

<<  <  ج: ص:  >  >>