للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

النصرانية وكونها آخر الملل ظاهر، والثاني ملة قريش كما فسّره به الإمام البخاري، وما وجهه به الشيخ قُدِّس سرُّه في توجيه آخر الملة لطيف جدًا لم يتعرض لذلك الشرَّاح ولا المفسرون، قال الرازي: والملة الآخرة هي ملة النصارى، فقالوا: إن هذا التوحيد الذي أتى به محمد - صلى الله عليه وسلم - ما سمعناه في دين النصارى، أو يكون المراد بالملة الآخرة ملة قريش التي أدركوا آباءهم عليها، انتهى.

وكذا ذكر القولين الخازن في تفسيره كما في هامش "اللامع".

قوله: ({أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا} [ص: ٦٣] أحطنا بهم) أشار به إلى قوله تعالى: {أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيًّا أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ} [ص: ٦٣] وفسره بقوله: "أحطنا بهم".

قال القسطلاني (١): هو من الإحاطة، وقال الدمياطي في حواشيه: لعله أخطأناهم وحذف مع ذلك القول الذي هذا تفسيره وهو {أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الْأَبْصَارُ}، انتهى.

وعند ابن أبي حاتم من طريق مجاهد: أخطأناهم أم هم في النار لا يعلم مكانهم، وقال ابن عطية: المعنى ليسوا معنا أم هم معنا لكن أبصارنا تميل عنهم، وقال ابن كيسان: أم كانوا خيرًا منا ونحن لا نعلم فكأن أبصارنا تزيغ عنهم في الدنيا فلا نعدّهم شيئًا، انتهى.

وكتب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢): فسر السخرية بالإحاطة لأن الإحاطة لازمة لها عادة، فإنهم إذا أرادوا الاستهزاء بأحد جعلوه وسطهم ليتمكن كل منهم على الاستهزاء كل التمكن، انتهى.

وفي هامشه: أجاد الشيخ قُدِّس سرُّه في وجه تفسير اتخذناهم بالإحاطة وهكذا في "تقرير المكي" إذ قال: قوله: "أحطنا بهم" تفسير باللازم؛ لأن الساخر يحيط بمن يسخر به حين السخرية، انتهى.


(١) "إرشاد الساري" (١١/ ٢١).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ١٥٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>