للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والبحث الخامس: ما ذكره الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (١) إذ كتب: وفي كلام عائشة نوع اختصار من الراوي والأصل أنها قطعت أول الكلام ثم أخذت في الكلام، وهو أنه - صلى الله عليه وسلم - رخص في نسائه ولم يبق القسم واجبًا عليه، ودلالة الآية على هذا المعنى ظاهرة، وأما إذا أريد الاحتجاج على جواز هبة المرأة نفسها على أن يكون هذا هو المراد بقولها في: "هواك" فهو في قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا} الآية [الأحزاب: ٥٠]، وهو وإن لم يكن مذكورًا لكنه على هذا التقرير الثاني مراد، وكفت الإشارة بذكر بعض الآية، انتهى.

والأوجه عندي: أن المراد بآية الإرجاء عدم نكاح الواهبات وهو أحد الأقوال المعروفة في سبب نزول الآية وإن كانت مسألة القسم أشهر، وهذا أحد الأبحاث الخمسة بسط الكلام على تلك المباحث في هامش "اللامع" (٢) فارجع إليه لو شئت التفصيل.

وأما الإجمال فنذكر ههنا: أما البحث الأول - أعني: هبة المرأة نفسها - فلا يجوز لغير النبي - صلى الله عليه وسلم - اتفاقًا، ففي "الأوجز" عن الباجي: لا خلاف أنه لا يجوز نكاح بدون صداق لغير النبي - صلى الله عليه وسلم -، والأصل في ذلك قوله تعالى: {وَامْرَأَةً مُؤْمِنَةً إِنْ وَهَبَتْ نَفْسَهَا} الآية، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع". البحث الثاني جواز النكاح بلفظ الهبة، وهو مختلف بين الأئمة ففي "الأوجز"، قال الموفق: ينعقد النكاح بلفظ الإنكاح والتزويج إجماعًا، ولا ينعقد بغيرهما، وبهذا قال ابن المسيب وعطاء والزهري والشافعي، وقال الثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وأبو عبيدة وداود: ينعقد بلفظ الهبة والصدقة والتمليك، وقال مالك: ينعقد بذلك إذا ذكر المهر.


(١) "لامع الدراري" (٩/ ٢٨٩).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (٩/ ٢٨٢ - ٢٨٨)، "أوجز المسالك" (١٠/ ٣١٤)، "فتح الباري" (٩/ ١٦٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>