للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثانيهما: وهو قول الشعبي وطاووس من أخطأ في الطلاق فله نيَّته، وفيه قول ثالث: يحنث في الطلاق خاصة، قاله أحمد، وذهب مالك والكوفيون إلى أنه يحنث في الخطإ أيضًا، وادعى ابن بطال أنه الأشهر عن الشافعي، انتهى.

قال الحافظ (١): واختلف السلف في طلاق الناسي، فكان الحسن يراه كالعمد إلا إن اشترط فقال: إلا أن أنسى، وعن عطاء أنه كان لا يراه شيئًا وهو قول الجمهور، وكذلك اختلف في طلاق المخطئ، فذهب الجمهور إلى أنه لا يقع، وعن الحنفية يلزمه الطلاق، انتهى.

قال العيني: أما حكم طلاق الغالط والناسي فإنه واقع، وهو قول عطاء والشافعي في قول، وإسحاق ومالك والكوفيين، انتهى.

قال الموفق: لا خلاف عن أحمد أنه إذا أراد أن يقول لزوجته: اسقيني ماء فسبق لسانه فقال: أنت طالق أو أنت حرة أنه لا طلاق فيه، إلى آخر ما بسط في هامش "اللامع" (٢).

وفي "البذل" (٣) في قوله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاث جدهن جد": الحديث يدل على أن من تلفظ هازلًا بلفظ نكاح أو طلاق أو رجعة أو عتاق وقع منه ذلك، أما في الطلاق فقد قال بذلك الشافعية والحنفية وغيرهم، وخالف في ذلك أحمد ومالك فقالا: إنه يفتقر اللفظ الصريح إلى النية، انتهى.

قوله: (ولا عتاقة إلا لوجه الله) قال القسطلاني (٤): أي: لذاته ولجهة رضاه، ومراده بذلك إثبات اعتبار النية لأنه لا يظهر كونه لوجه الله تعالى إلا مع القصد، وفي حديث ابن عباس مرفوعًا كما في "الطبراني": "لا طلاق إلا لعدة ولا عتاقة إلا لوجه الله"، انتهى.

وكتب الشيخ في "اللامع" (٥): يرد به ما ذهب إليه الحنفية من نفاذ


(١) "فتح الباري" (٩/ ٣٩٠).
(٢) "لامع الدراري" (٩/ ٣٦٦).
(٣) "بذل المجهود" (٨/ ١٨١).
(٤) "إرشاد الساري" (٥/ ٦٠٨ - ٦٠٩).
(٥) "لامع الدراري" (٦/ ٣٧٤).

<<  <  ج: ص:  >  >>