للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويدخل في هذا الأصل عندي "باب قوله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا} " الآية [البقرة: ١٩٧]، بين أبواب مواقيت الحج تنبيهًا على أن التقوى مطلوب في سفر الحج كله، لكنه فيما بين المواقيت أشد اهتمامًا.

وهكذا عندي توسيط "باب صوم الدهر" بين أبواب الحقوق داخل في هذا الأصل.

وهكذا إدخال "باب رثاء النبي - صلى الله عليه وسلم -" بين أبواب النهي عن شق الجيوب والحلق وغيرهما.

ويقرب من ذلك الأصل عندي فصل الأبواب العديدة بين بابي "الاستماع إلى الخطبة يوم الجمعة" و"الإنصات يوم الجمعة والإمام يخطب"، فإن الجدير باتباع الآية وهي قوله تعالى: {فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا} [الأعراف: ٢٠٤] كان أن يذكر البابان متصلًا، لكن الإمام البخاري - رحمه الله - لعله أشار بالتفريق بينهما إلى أنهما حُكمان مستقلان، الأول للقريب، والثاني للبعيد عن الإمام، لذا بَعَّدَ الباب الثاني عن الأول.

ويستأنس ذلك من كلام شيخ المشايخ في "تراجمه"، إذ قال: "باب الإنصات. . ." إلخ، عقد المؤلف الباب السابق لاستماع الخطبة، وهذا الباب للإنصات وقت الخطبة، إذ لا تلازم بينهما؛ لأن من يكون بعيدًا عن الإمام لا يجب الاستماع عليه، وإنما يجب الإنصات، انتهى.

وتراجم أبواب الوضوء جلّها داخلة عندي في هذا الأصل، وما أورد الشراح جلّهم على الإمام البخاري من عدم المناسبة بين أبواب الوضوء ليس بصحيح عندي، بل كلها متناسبة فيما بينها، إلا أنه - رحمه الله - على دأبه في النظر إلى الدقائق يُنبِّه بذلك إلى نكات لطيفة جديرة بشأن تفنُّن البخاري.

مثلًا: أوردوا على "باب غسل الوجه باليدين"، بأنه في غير محلِّه، وليس كذلك، بل الغرض منه التنبيه على تكميل الباب السابق بأن الإسباغ قد يتم بمعاونة اليدين، ولا يحتاج إلى كثرة الماء، فلذا قيده بغرفة واحدة.

<<  <  ج: ص:  >  >>