للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيمان في داخل قلبه، وبعد شرح الصدر يأمن من الارتداد أيضًا بإذن الله، لكن المؤلف لم يصرح بذلك احتياطًا وسدًّا للذريعة، ولا يبعد أنه فعل ذلك لغرض التشحيذ والاحتياط.

فالآن لو جعلت ههنا ترجمة جديدة كما ذكرنا في الأصول بذيل الأبواب بدون التراجم فالأحسن أن نجعل آية: {فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلَامِ} [الأنعام: ١٢٥]، أو آية: {وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُضِلٍّ} [الزمر: ٣٧]، ترجمة، فإنه يناسب المقام ونهج المؤلف.

ثم إنه ذكر في كلام هرقل لفظة: "وكذلك الإيمان" في موضعين، والمراد به في الأول: الدين، وفي الثاني: التصديق القلبي، فما أثبته المؤلف في الباب السابق يؤيده قول هرقل ههنا، وبهذا يمكن أن نعد هذا الباب من متعلقات الباب السابق أيضًا، ويمكن أن يكون هذا أيضًا في نظر المؤلف، وصار تعدد الفوائد موجبًا لترك الترجمة، والله - سبحانه وتعالى - أعلم، انتهى.

وهذا الباب ذكره شيخ الهند في الجدول الرابع في الأبواب الخالية عن التراجم ورقم عليه نقطة واحدة، وقد تقدم أن النقطة الواحدة إشارة إلى أن حذف الترجمة للتمرين وتشحيذًا للأذهان.

وقال الحافظ (١): هكذا بلا ترجمة في رواية كريمة وغيرها، وسقط الباب من رواية أبي ذر وغيره، ورجّح النووي الأول قال: لأن الترجمة السابقة - يعني: سؤال جبرئيل - لا يتعلق بها هذا الحديث، فلا يصح إدخاله فيه، قال الحافظ: نفي التعلق لا يتم بهذا؛ لأن الباب بلا ترجمة كالفصل للسابق، فلا بد له من تعلق فيقال: إنه يتعلق بقوله في الترجمة السابقة: "وجعل ذلك كله دينًا"، فسمَّى الدين إيمانًا في حديث هرقل، فيتم مراد المصنف بكون الدين هو الإيمان، انتهى.

وأجاب الشيخ قُدِّس سرُّه في "اللامع" (٢) عما يرد على الإمام البخاري


(١) "فتح الباري" (١/ ١٢٥).
(٢) انظر: "لامع الدراري" (١/ ٦٠٥).

<<  <  ج: ص:  >  >>