للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن حبان والحاكم، وقد أخرج الترمذي من حديث أبي أمامة: "قيل: يا رسول الله، أيّ الدعاء أسمع؟ قال: جوف الليل الآخر ودبر الصلوات المكتوبات" وقال: حسن، وغير ذلك من الأحاديث ذكرها الحافظ.

وقال صاحب "الفيض" (١): لا ريب أن الأدعية دبر الصلوات قد تواترت تواترًا لا ينكر، أما رفع الأيدي فثبت بعد النافلة مرة أو مرتين، فألحق بها الفقهاء المكتوبة أيضًا، وذهب ابن تيمية وابن القيم إلى كونه بدعة، بقي أن المواظبة على أمر لم يثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - إلا مرة أو مرتين كيف هي؟ فتلك هي الشاكلة في جميع المستحبات، فإنها تثبت طورًا فطورًا ثم الأمة تواظب عليها، نعم نحكم بكونها بدعة إذا أفضى الأمر إلى النكير على من تركها، انتهى.

وقال أيضًا في موضع آخر (٢): واعلم أن الأدعية بهذه الهيئة الكذائية لم تثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولم يثبت عنه رفع الأيدي دبر الصلوات في الدعوات إلا أقل قليل، ومع ذلك وردت فيه ترغيبات قولية، والأمر في مثله أن لا يحكم عليه بالبدعة، فهذه الأدعية في زماننا ليست بسُنَّة بمعنى ثبوتها عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، وليست ببدعة بمعنى عدم أصلها في الدين، فقد هدى إلى الرفع في قوليات كثيرة؛ وفعله بعد الصلاة قليلًا، فإن التزم أحد منا الدعاء بعد الصلاة برفع اليد فقد عمل بما رغب فيه وإن لم يكثره بنفسه، انتهى مختصرًا.

وفي هامشه: قلت: ونحوه فعله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الضحى، فإنها وإن ثبتت في بعض الروايات لكنه أقل قليل حتى إن بعضهم ذهب إلى إنكار ثبوتها فعلًا، والصحيح أنها ثابتة ولو قليلًا، انتهى مختصرًا.

وقد تقدم أيضًا شيء من الكلام عليه قبيل "كتاب الجمعة" وسيأتي ترجمة المصنف بعد أربعة أبواب بـ "باب رفع الأيدي في الدعاء".


(١) "فيض الباري" (٦/ ٢٢٥).
(٢) "فيض الباري" (٢/ ٢١٣).

<<  <  ج: ص:  >  >>