للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عَنْ شَيْءٍ أَنَا فَاعِلُهُ تَرَدُّدِي عَنْ نَفْسِ المُؤْمِنِ، يَكْرَهُ المَوْتَ وَأَنَا أَكْرَهُ مَسَاءَتَهُ» (١).

وكما هو واضح من الحديث أن النوافل والأخذ بها سبب في محبة الله، وهي غاية العبادة القلبية وذروة سنامها. والنوافل قسمان؛ قسم داخلٌ في الفرض ومحسّنٌ له، وقسم مستقل. وتفصيل ذلك في كتب الفقه، وعلى المسلم تعلمه ليرقى بعبادته، ويصل إلى رضى ربه ومحبته.

ومن العبادات الذكر؛ من التسبيح والتهليل والحمدلة والحسبلة والحوقلة، والذكر إذا رُبط بالتدبر والتفكر في خلق الله، واتبع العابد الوقت المسنون فيه حتى يكون وردًا في يومه، وليلته، وفي الأسبوع، وفي العيدين، وغيرها؛ فإنه إن فعل ذلك كان أعمق في التأثير على القلب. وكلما كان القلب عامرًا بذكر الله كان أقرب منه سبحانه، وكانت الفرائض والنوافل أحب إليه مما حُبّب إليه من متاع الدنيا. لذا فليفزع إليها إذا شعر المسلم تكاسل وتثاقل في العبادة.

أما قراءة القرآن فلا تسأل عن عمار القلب بالارتباط بقراءة القرآن والعناية به والعمل به؛ ذلك أن التوحيد مستقر في الفطرة التي محلها القلب كما أسلفنا، وسماع القرآن وقراءته والعناية به يثير كامن التوحيد في فطرة الإنسان، ولذلك كان أهل القرآن هم أهل الله وخاصته؛ لأن توحيد الله متيقظ في قلوبهم؛ قال -صلى الله عليه وسلم-: «إِنَّ لِلَّهِ أَهْلِينَ مِنَ النَّاسِ» قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَنْ هُمْ؟ قَالَ: «هُمْ أَهْلُ الْقُرْآنِ، أَهْلُ اللَّهِ وَخَاصَّتُه» (٢).

و «أَهْل الْقُرْآنِ هُمْ أَهْل اللَّهِ وخاصَّتُه» أَيْ حَفَظة الْقُرْآنِ الْعَامِلُونَ بِهِ. هُمْ أَوْلِيَاءُ اللَّهِ والمختَصُّون بِهِ اختصاصَ أهلِ الْإِنْسَانِ بِهِ (٣).


(١) صحيح البخاري (٨/ ١٠٥ - ح ٦٥٠٢).
(٢) أحمد (٩/ ٢٩٦ - ح ١٢٢٧٨)، وابن ماجه (١/ ٧٨ - ح ٢١٥)، والحديث صححه الألباني.
(٣) النهاية في غريب الحديث والأثر (١/ ٨٣).

<<  <   >  >>