ومن أجمل ما قيل في الصحبة ما ذكره القرطبي بسنده إلى عَوْنَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ، قَالَ: حَدَّثْتُ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ: أَنَّهُ كَانَ يُقَالُ: «إِنِ اسْتَطَعْتَ فَكُنْ عَالِمًا، فَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَكُنْ مُتَعَلِّمًا، وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَأَحِبَّهُمْ، وَإِنْ لَمْ تَسْتَطِعْ فَلَا تَبْغَضْهُمْ» فَقَالَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ: «لَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ -عز وجل- لَهُ مَخْرَجًا إِنْ قَبِلَ»(١).
فإن عز وجودهم، فليصحبهم في كتب السير، ففي سيرة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه وسلف الأمة وصالحيها عبرة لكل مدكر، ومنارًا لكل طالب أسوة.
ومن مجالسة الصالحين في هذا الزمن وسائل الاتصال الحديثة كالتويتر واليوتيوب والفيس بك، وكذلك القنوات الفضائية، وغيرها، فإن أثرها عظيم في تغيير الفكر. والقلب تبعٌ للفكر.
(٣) ألا يغيب عن الذهن أن مصير كل حي الموت، ويذكّر نفسه بشكل مستمر بما بعد الموت من حياة البرزخ والحشر والحساب والجنة والنار، وأن الدنيا دار عمل لما بعد الموت، وأن يحاسب نفسه قبل أن يحاسب. إن من آمن بهذه الحقيقة، وذكّر نفسه بشكل مستمر حتمًا سيصلح قلبه؛ لأنه سيعيش بين الرجاء والخوف. طمعًا فيما أعده الله للمؤمن الذي يعمل لآخرته من النعيم المقيم من أول الاحتضار وصعود روحه، إلى القبر، وما أعده الله من نعيم في حياة البرزخ، إلى أن ينتهي بالجنة. والخوف مما أعده الله للمفرط في دينه، من أول الفتن المتلاحقة التي يصطدم بها تباعًا، وأشدها أن يقبض على كفر أو شرك -نسأل الله السلامة-، ثم تتلاحق عليه الأهوال تباعًا والعياذ بالله.
إن ذكر الموت والحياة الآخرة يتأتى لمن يقرأ في ذلك. والمكتبة الإسلامية زاخرة بما يحيي القلوب من ذكر الحياة الآخرة. وأفضل من ذلك قراءة القرآن مع