والذكر ثلاثة أنواع؛ أفضله ما كان ثناء على الله، ثم ما كان إنشاءً من العبد، أو اعترافاً بما يجب لله عليه، ثم ما كان دعاءً من العبد. فالأول: مثل النصف الأول من " الفَاتِحَة "، ومثل: " سبحانك اللهم! ... "، ومثل التسبيح في الركوع والسجود. والثاني: مثل قوله: " وجّهت وجهي ... "، ومثل قوله في الركوع والسجود: " اللهم! لك ركعت، ولك سجدت ... ". والثالث: مثل قوله: " اللهم! باعد بيني وبين خطاياي ... "، ومثل دعائه في الركوع والسجود. ولهذا أوجب طائفة من أصحاب أحمد ما كان ثناءً، كما أوجبوا الاستفتاح. وحُكي في ذلك عن أحمد روايتان، واختار ابن بَطَّة وغيره وجوب ذلك. والمقصود: أن النوع المفضول - مثل استفتاح أبي هريرة، ومثل: " وَجَّهْتُ ... " أو: " سبحانك ... " عند من يفضل الآخر - فِعْلُهُ أحياناً أفضلُ من المداومة على نوع وهَجْرِ نوع؛ وذلك أن أفضل الهدى هدى محمد صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما ثبت في " الصحيح " -. ولم يكن يداوم على استفتاح واحد قطعاً؛ فإن حديث أبي هريرة يدل على أنه كان يستفتح بهذا ". اهـ. قلت: ولعل مستند من قال بوجوب الثناء على الله تعالى - كالاستفتاح - ما في حديث (المسيء صلاته) من حديث رِفاعة بن رافع بلفظ: " لا تتم صلاةٌ لأحد من الناس حتى يتوضأ؛ فيضع الوضوء مواضعه، ثم يكبر، ويحمد الله عز وجل، ويثني عليه، ويقرأ بما تيسر من القرآن ... " الحديث.