وبالجملة؛ فالحديث صحيح بمجموع هذه الطرق، حسن من طريق ابن إسحاق. واضطراب من تابعه فيه لا يضر في روايته - كما لا يخفى -. فالحديث حجة في القراءة خلف الإمام في الجهرية، ولكنه لا يدل على الوجوب؛ بل على الإباحة - كما يأتي بيانه قريباً -. قال الخطابي في " المعالم " (١/٢٠٥) : " هذا الحديث نص بأن قراءة {فاتحة الكتاب} واجبة على من صلى خلف الإمام، سواء جهر الإمام بالقراءة، أو خافت بها ". ثم قال (٢٠٦) : " وقد اختلف العلماء في هذه المسألة؛ فروي عن جماعة من الصحابة أنهم أوجبوا القراءة خلف الإمام. وروي عن آخرين أنهم كانوا لا يقرؤون. وافترق الفقهاء فيها على ثلاثة أقاويل: فكان مكحول والأوزاعي والشافعي وأبو ثور يقولون: لا بد من أن يقرأ خلف الإمام فيما يجهر به، وفيما لا يجهر. وقال الزهري ومالك وابن المبارك وأحمد بن حنبل وإسحاق: يقرأ فيما أسر الإمام فيه، ولا يقرأ فيما جهر به (١) . وقال سفيان الثوري وأصحاب الرأي: لا يقرأ أحد خلف الإمام؛ جَهَرَ الإمام أو أَسَرَّ. واحتجوا بحديث رواه عبد الله بن شداد مرسلاً عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " من كان له إمام؛ فقراءة الإمام له قراءة " ". انتهى.