" وقد ذهب إلى هذا قوم، فقالوا: لا ينبغي للرجل أن يزيد في كل ركعة من صلاته على سورة مع {فاتحة الكتاب} . واحتجوا في ذلك بهذا الحديث ". اهـ. ويحتمل أن معنى الحديث: لكل سورة ركعة؛ أي: سورة كاملة في كل ركعة؛ أي: فلا يقتصر على بعضها؛ بل عليه أن يُتِمَّها؛ ليكون حظ الركعة بها كاملاً. وقد أشار إلى هذا المعنى وإلى الذي قبله ابنُ نصر؛ حيث بوب للحديث بقوله: (باب كراهة تقطيع السور، والجمع بين السور في ركعة) ، ثم ساق هذا الحديث بألفاظه الثلاثة. وبالجملة؛ فالحديث لا يحتمل إلا هذين المعنيين. وأنا إلى المعنى الثاني (*) أَمْيَلُ منه إلى الأول، وإن ذهب إليه من علمت؛ لأن أقواله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا يمكن فهمها فهماً صحيحاً، إلا ضمن أقواله الأخرى وأفعاله، وقد ذكرنا في الأصل أن الغالب من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إتمام السورة؛ دون الاقتصار على بعضها إلا نادراً. وعليه؛ فالحديث يدل على الكمال من القراءة، وهي السورة الكاملة. واقتصاره صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ على بعضها نادراً؛ إنما هو للدلالة على جواز ذلك مع الكراهة التنزيهية؛ لأنها خلاف الأفضل؛ ولكنه لا ينفي الزيادة على السورة، وأنها أكمل وأفضل. كيف ذلك؛ وقد صح عنه أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ السورتين فأكثر في ركعة واحدة، وأنه كان يقول: " أفضل الصلاة طول القيام "! فهذا نص صريح في أن الصلاة كلما كان قيامها أطول - وإنما يكون ذلك بطول