منسوخ - كما سبق عن الإمام محمد -: والأول خلاف الظاهر - ولا يُخرج عنه إلا بدليل -، وغاية ما تمسك به علماؤنا في ذلك حديث أبي هريرة المتقدم في أول الفصل؛ أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان يقرأ في المغرب بقصار المفصل، فعارض به الطحاوي وغيره هذه الأحاديثَ القاضية باستحباب قراءة طواله، وأولوها بما تقدم، ولا مبرر لذلك؛ فالجمع ممكن بما هو أقرب إلى الالتئام من هذا التأويل، وهو حمل هذه الأحاديث على اختلاف الأحوال - كما سبق -، لا سيما وأن في بعض هذه الأحاديث ما لا يقبل هذا التأويل مطلقاً - كما مضى عن اللكنوي - (*) . وإما دعوى النسخ؛ فباطلة بشهادة هذا الحديث الصحيح؛ فإنه صريح في أنه قرأ بذلك في آخر صلاة صلاها صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلو كان هناك مُبَرِّرٌ للمصير إلى النسخ؛ لكان ادعاء العكس أقربَ إلى الصواب، وأحقَّ بالقبول عند ذوي الألباب، ولكن لا مسوِّغ لذلك طالما أن الجمع ممكن بما سبق. والله الموفق. (١) أي: بأطول السورتين الطويلتين. و " طولى " تأنيث " أطول "، و " الطوليين ": تثنية " طولى "، وهما: {الأَعْرَاف} اتفاقاً، و {الأَنْعَام} على الأرجح. كما في " فتح الباري ". (٢) هو من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه. رواه عنه مروان بن الحكم ثم عروة بن الزبير. أما الأول: فأخرجه البخاري (٢/١٩٦) ، وأبو داود (١/١٢٩) ، والنسائي (١/١٥٤) ، و {ابن خزيمة (١/٦٨/٢) = [١/٢٥٩/٥١٦] } ، والبيهقي (٢/٣٩٢) ، وأحمد (٥/١٨٨ و ١٨٩) من طرق عن ابن جُريج قال: سمعت عبد الله بن أبي مُليكة يحدث