الرواية؛ لأنه جائز أن يخالف صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المعهود من ترتيبه لسبب ما - كبيان الجواز مثلاً -، فإذا كان هذا جائزاً؛ فلا بد حينئذٍ من المصير في ترجيح إحدى الروايتين على الأخرى إلى ما تقتضيه قواعد علم الحديث. وقد ذكرنا أنها الرواية الأولى؛ فعليها العمدة، دون الأخرى. ولذا قال القاضي عِيَاضٌ: " فيه دليل لمن يقول: إن ترتيب السور اجتهاد من المسلمين حين كتبوا المصحف، وإنه لم يكن ذلك من ترتيب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بل وَكَلَه إلى أمته بعده ". قال: " وهذا قول مالك، وجمهور العلماء، واختاره القاضي أبو بكر الباقِلاني. قال ابن الباقِلاني: هو أصح القولين مع احتمالهما ". قال: " والذي نقوله: إن ترتيب السور ليس بواجب في الكتابة، ولا في الصلاة، ولا في الدرس، ولا في التلقين والتعليم، وإنه لم يكن من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ في ذلك نص ولا حَدٌّ تحرم مخالفته؛ ولذلك اختلف ترتيب المصاحف قبل مصحف عثمان ". قال: " واستجاز النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - والأمة بعده في جميع الأعصار - ترك ترتيب السور في الصلاة، والدرس، والتلقين ". قال: " وأما على قول من يقول من أهل العلم: إن ذلك بتوقيف من النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ حدده لهم كما استقر في مصحف عثمان، وإنما اختلف المصاحف قبل أن يبلغهم التوقيف والعرض الأخير. فيتأول قراءته صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {النِّسَاء} أولاً، ثم: {آلِ عِمْرَان} هنا على أنه كان قبل التوقيف والترتيب، وكانت هاتان السورتان هكذا في مصحف أُبَيٍّ ". قال: