لا يقرأ في الصلاة على الجنازة؛ إنما هو الثناء على الله، والصلاة على النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، والدعاء للميت، وهو قول الثوري وغيره من أهل الكوفة ". قلت: وهو مذهب علمائنا، قال الإمام محمد في " الموطأ " (١٦٥) : " لا قراءة على الجنازة، وهو قول أبي حنيفة رحمه الله ". قال أبو الحسنات: " يحتمل أن يكون نفياً للمشروعية المطلقة؛ فيكون إشارة إلى الكراهة. وبه صرح كثير من أصحابنا المتأخرين؛ حيث قالوا: يكره قراءة {الفَاتِحَة} في صلاة الجنازة. وقالوا: لو قرأ بنية الدعاء؛ لا بأس به. ويحتمل أن يكون نفياً للزومه، فلا يكون فيه نفي الجواز ". وإليه مال حسن الشُّرُنْبُلالي من متأخري أصحابنا؛ حيث صنف رسالة سمّاها: " النظم المستطاب لحكم القراءة في صلاة الجنازة بـ: {أم الكتاب} ". ردَّ فيها على من ذكر الكراهة بدلائل شافية. وهذا هو الأولى؛ لثبوت ذلك عن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وأصحابه. ثم ذكر بعض الأحاديث التي أشرنا إليها آنفاً، ومنها حديث ابن عباس هذا. ثم ذكر بعض الآثار عن الصحابة في القراءة وعدمها، ثم قال: " وبالجملة؛ الأمر بين الصحابة مختلف، ونفس القراءة ثابت؛ فلا سبيل إلى الحكم بالكراهة، بل غاية الأمر أن لا يكون لازماً ". اهـ. وقال أبو الحسن السندي: " ينبغي أن تكون {الفَاتِحَة} أَوْلَى وأحسن من غيرها من الأدعية. ولا وجه للمنع منها. وعلى هذا كثيرٌ من محققي علمائنا، إلا أنهم قالوا: يقرأ بنية الدعاء والثناء؛ لا بنية القراءة ".