وتستميلها بذلك، حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المَشُوْبِ بلذة الحكمة المهُِيمة ". ثم قال الحافظ: " والذي يظهر أن في الترجيع قدراً زائداً على الترتيل؛ فعند ابن أبي داود من طريق أبي إسحاق عن علقمة قال: بتُّ مع عبد الله بن مسعود في داره، فنام، ثم قام، فكان يقرأ قراءة الرجل في مسجد حَيِّه؛ لا يرفع صوته، ويُسْمعُ من حوله، ويرتل ولا يرجِّع. وقال الشيخ أبو محمد ابن أبي جمرة: معنى الترجيع: تحسين التلاوة.. لا ترجيع الغناء؛ لأن القراءة بترجيع الغناء تنافي الخشوع الذي هو مقصود التلاوة ". قال الشيخ القاري (٢/١٤٢ - ١٤٣) : " ومن تأمل أحوال السلف؛ علم أنهم بريئون من التصنع في القراءة بالألحان المخترعة، دون التطريب، والتحسين الطبيعي؛ فالحق أن ما كان منه طبيعة وسجيَّة؛ كان محموداً - وإنْ أعانته طبيعته على زيادة تحسين وتزيين -؛ لِتأثُّرِ التالي والسامع به. وأما ما فيه تكلف وتصنع بتعلم أصوات الغناء وألحان مخصوصة؛ فهذه هي التي كرهها السلف والأتقياء من الخلف ". (تنبيه) : وأما الحديث الذي أخرجه الترمذي في " الشمائل " (٢/١٤٣) عن حُسام ابن مِصَكٍّ عن قتادة قال: ما بعث الله نبياً إلا حسن الوجه حسن الصوت، وكان نبيكم حسن الوجه حسن الصوت، وكان لا يرجع. فهو مع انقطاعه؛ فإن حساماً هذا: ضعيف يكاد أن يترك - كما في " التقريب " -. قال في " الميزان ": " ومن مناكيره هذا الخبر ".