للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

..............................................................................


المذبذب المذموم الذي لا يكون مع المؤمنين ولا مع الكفار؛ بل يأتي المؤمنين بوجه، ويأتي
الكفار بوجه؛ كما قال تعالى في حق المنافقين: {إِنَّ المُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ
وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً. مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ
ذَلِكَ ... } الآية ". قال:
" ومن تعصب لواحد بعينه من الأئمة دون الباقين؛ فهو بمنزلة من تعصب لواحد
بعينه من الصحابة دون الباقين؛ كالرافضي الذي يتعصب لعلي دون الخلفاء الثلاثة
وجمهور الصحابة، وكالخارجي الذي يقدح في عثمان وعلي رضي الله عنهما. فهذه
طرق أهل البدع والأهواء، فمن تعصب لواحد من الأئمة بعينه؛ ففيه شبه من هؤلاء،
سواء تعصب لمالك أو الشافعي أو أبي حنيفة أو أحمد أو غيرهم.
ثم غاية المتعصب لواحد منهم أن يكون جاهلاً بقدره في العلم والدين، وبقدر
الآخرين؛ فيكون ظالماً جاهلاً، والله يأمر بالعدل والعلم، وينهى عن الجهل والظلم.
وهذا أبو يوسف ومحمد أتبع الناس لأبي حنيفة، وأعلمهم بقوله، وهما قد خالفاه
في مسائل لا تكاد تحصى؛ لَمَّا تبين لهما من السنة والحجة ما وجب عليهما اتباعه،
وهما مع ذلك معظِّمان لإمامهما، لا يقال فيهما: مذبذبان! بل أبو حنيفة وغيره من
الأئمة يقول القول، ثم تتبين له الحجة في خلافه؛ فيقول بها، ولا يقال له: مذبذب.
- فإن الإنسان لا يزال يطلب العلم والإيمان -؛ بل هذا مهتدٍ زاده الله هدى، وقد قال
تعالى: {وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا} .
فالواجب على كل مؤمن موالاة المؤمنين، وعلماء المؤمنين، وأن يقصد الحق، ويتبعه
حيث وجده، ويعلم أن من اجتهد منهم فأصاب؛ فله أجران، ومن اجتهد منهم فأخطأ؛
فله أجر لاجتهاده، وخطؤه مغفور له. وعلى المؤمنين أن يتبعوا إمامهم إذا فعل ما يسوغ،
وليس لأحد أن يتخذ قول بعض العلماء شعاراً يوجب اتباعه، وينهى عن غيره مما جاءت

<<  <  ج: ص:  >  >>