" وجمهور المتعصبين لا يعرفون من الكتاب والسنة إلا ما شاء الله؛ بل يتمسكون بأحاديث ضعيفة، أو آراء فاسدة، أو حكايات عن بعض العلماء والشيوخ، قد تكون صدقاً، وقد تكون كذباً، وإن كانت صدقاً؛ فليس صاحبها معصوماً. يتمسكون بنقلٍ غيرِ مصدَّق عن قائل غير معصوم، ويَدَعون النقل المصدق عن القائل المعصوم، وهو ما نقله الثقات من أهل العلم، ودونوه في الكتب الصحاح عن النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؛ فإن الناقلين لذلك مصدَّقون باتفاق أئمة الدين، والمنقول عنه معصوم، لا ينطق عن الهوى؛ {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} ، قد أوجب الله تعالى على جميع الخلق طاعته واتباعه؛ قال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} ، وقال: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} ". اهـ. وقد تعمدت ذكر من ذهب من الحنفية إلى مشروعية الرفع، تنبيهاً للمتعصبين من مشايخنا وأتباعهم، وليعلموا أن هناك من علمائنا من يقول بذلك؛ فإن هؤلاء وأمثالهم في كل عصر كثر، لحصرهم العلم والفقه في كتب معلومة، حتى قال لي بعضهم: إن علمنا - معشرَ الحنفية - محصور في كتابين فقط لا غير: " حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح " و " حاشية ابن عابدين على الدر ... "! ولقلة اطلاعهم على غيرها لا تكاد تجد فيهم من يعرف غير ما فيها؛ كيف لا، وكثيرون منهم يعدون قراءة كتب الحديث ومطالعتها تضييعاً للوقت! بل صارحني بعض المشايخ بقوله: (علم الحديث صنعة المفاليس) ! فلا حول ولا قوة إلا بالله. وقد بلغ ببعضهم التعصب في المسألة إلى أن افترى على رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الكذب! فذكر أنه قال عليه الصلاة والسلام: