بين الأحاديث، ولا يجوز ضرب بعضها ببعض. هذا ما ظهر لي. والله تعالى أعلم. وأما الشوكاني؛ فقال (٢/١٤٤) : " والحديث يدل على جواز التنفل على الراحلة، وعلى أنه لا بد من الاستقبال حال تكبيرة الإحرام، ثم لا يضر الخروج بعد ذلك عن سَمْتِ القبلة ". اهـ. أقول: ولا دلالة في الحديث على أنه لا بد من الاستقبال في تلك الحال؛ لأنه فعلٌ، وغاية ما يدل عليه: أن ذلك يشرع ويستحب، لا سيما وأنه لم يكن صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يفعل ذلك دائماً - كما سبق -؛ ولذلك قال الإمام أحمد - فيما رواه عنه أبو داود في " مسائله " (ص ٧٦) : " إذا تطوع الرجل على راحلته؛ يعجبني أن يستقبل القبلة بالتكبير على حديث أنس " (١) . وذكر نحوه عبد الله بن أحمد في " مسائله " أيضاً عنه. وللشافعية في وجوب الاستقبال في هذه الحالة وجوه؛ أصحها - كما قال النووي في " المجموع " (٣/٢٣٤) ؛ -: إنه إن سهل عليه ذلك؛ وجب، وإلا؛ فلا. قال: " فالسهل أن تكون الدابة واقفة، وأمكن انحرافه عليها أو تحريفها، أو كانت سائرة وبيده زمامها؛ فهي سهلة، وغير السهلة أن تكون مُقَطَّرَةً أو صَعْبة ". هذا، وأما صلاة الفريضة على الراحلة؛ فقد سبق أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لم يكن يفعله. وقد ورد خلافه في حديث يعلى بن مُرَّة قال: