للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

و " كان صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يصلي نحو بيت المقدس -[والكعبة بين يديه]- قبل أن

تنزل هذه الآية: {قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا

فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ} (البقرة: ١٤٤) . فلما نزلت؛ استقبلَ الكعبة.

فبينما الناس بقُباء في صلاة الصبح؛ إذ جاءهم آتٍ، فقال: إنَّ رسول

الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد أُنزل عليه الليلة قرآن، وقد أُمِرَ أن يستقبل الكعبة؛ [ألا]

فاستقبلوها. وكانت وجوههم إلى الشام، فاستداروا، [واستدار إمامهم

حتى استقبل بهم القبلة] " (١) .


ذكره الحافظ ابن كثير في " تفسيره " (١/١٥٩) ، ثم قال:
" وهذه الأسانيد فيها ضعف. ولعله يشد بعضها بعضاً. وأما إعادة الصلاة لمن تبين
له خطؤه؛ ففيها قولان للعلماء، وهذه دلائل على عدم القضاء ". اهـ.
قلت: وهو مذهب أحمد وغيره؛ فقد قال الترمذي - بعد أن ساق حديث عامر بن ربيعة -:
" وقد ذهب أكثر أهل العلم إلى هذا. قالوا: إذا صلى في الغيم لغير القبلة، ثم
استبان له بعدما صلى أنه صلى لغير القبلة؛ فإن صلاته جائزة. وبه يقول سفيان الثوري
وابن المبارك وأحمد وإسحاق ".
وكلامهما في ذلك مذكور في " مسائل المروزي " عنهما، وفي " مسائل عبد الله " عن أبيه.
قلت: وهو الصحيح من مذهب الحنفية - كما في " الهداية " -، خلافاً للشافعية؛
فإن الأصح عندهم - كما قال النووي (٣/٢٥٥) - أنه:
" تجب الإعادة؛ إن تيقن الخطأ ". وعليه يدل كلام الشافعي في " الأم " (١/٨٢) .
والصواب: ما ذهب إليه الأولون للأحاديث التي ذكرنا، ولحديث صلاة أهل قباء نحو
بيت المقدس، واستدارتهم إلى الكعبة - كما يأتي قريباً -. وإلى هذا ذهب الصنعاني (١/١٨٧) .
(١) ورد ذلك كله في أحاديث صحيحة:

<<  <  ج: ص:  >  >>