ومن عدل عن ذلك؛ فهو هالك بوصف الجاهل المعاند المكابر؛ ولو كان عند الناس من الأكابر. وغاية ما يعتذر به عن بعض المشايخ حيث منعوا الإشارة وذهبوا إلى الكراهة: عدم وصول الأحاديث إليهم، وقد ورد اختلاف فعلها وتركها عليهم، فظنوا أن تركها أولى ". قال: " فالجاهل بالأخبار النبوية والآثار المصطفوية لما رأى أن بعض الناس يشيرون عملاً بالسنة، وبعضهم يتركون الإشارة، إما للجهل، أو للكسل، أو للغفلة؛ فقال: تركها أولى؛ لأنها زيادة في المبنى على أصل المعنى. فجاء بعده غيره وقال: هي مكروهة. وأراد أنها كراهة تنزيه؛ لكن لم يجعل عليه من تنبيه! فتوهم مَنْ بعدهم أنه حرام، وحسب أنه في الدين لعظيم؛ بناءً على أن الكراهة إذا أطلقت؛ فهي كراهة تحريم! ثم قال مَنْ بعده: ما كره؛ فهو حرام عند محمد؛ لا سيما وهو متعلق بعبادة الأحد!! فانظر كيف تدرج الجهلُ، وتركب في نظر العقل العاري عن النقل إلى أن جعل السنة المشهورة من الأمور المنهية المحرمة المهجورة! فاعلم أن تعريف الحرام: ما ثبت نهيه بالدليل القطعي من الكتاب والحديث. ومن القواعد المقررة أن تحريمَ المباحِ حرامٌ؛ فكيف السنة الثابتة عنه عليه الصلاة والسلام؟! مع أنه يكفي في موجب تكفير الكيداني إهانةُ المحدِّثين الذين هم عمدة أئمة الدين المفهوم من قوله: كأهل الحديث. المفضية إلى قلة الأدب المقتضي لسوء الخاتمة؛ إذ من المعلوم أن أهل القرآن أهل الله، وأهل الحديث أهل رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ! وأُنشد في هذا المعنى: أهل الحديث هُمُ أهل النبي وإن لم ... يصحبوا نَفْسَهُ أنفاسَه صحبوا