" قال صاحب " التنقيح ": وسند هذين الحديثين صحيح. وهما نص في أن القنوت مختص بالنازلة ". قلت: ولذلك أنصف الحافظ ابن حجر؛ حيث قال: " ويؤخذ من جميع الأخبار أنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان لا يقنت إلا في النوازل. وقد جاء ذلك صريحاً ". ثم ساق الحديثين. قال ابن القيم (١/٩٧) : " ولم يكن من هديه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ القنوت فيها - يعني: صلاة الصبح - دائماً، ومن المحال أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كان في كل غداة بعد اعتداله من الركوع يقول: " اللهم! اهدني فيمن هديت ... " إلخ، ويرفع بذلك صوته، ويُؤَمِّن عليه أصحابه دائماً إلى أن فارق الدنيا، ثم لا يكون ذلك معلوماً عند الأمة، بل يضيعه أكثر أمته، وجمهور أصحابه، بل كلهم حتى يقول من يقول منهم: إنه مُحْدَثٌ ". قال: " ومن المعلوم بالضرورة أن رسول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لو كان يقنت كل غداة، ويدعو بهذا الدعاء، ويؤمِّن الصحابة؛ لكان نَقْلُ الأمة لذلك كله كنقلهم لجهره بالقراءة فيها، وعددها، ووقتها، وإن جاز عليهم تضييع أمر القنوت؛ جاز عليهم تضييع ذلك، ولا فرق! وبهذا الطريق علمنا أنه لم يكن هديه الجهر بالبسملة كل يوم وليلة خمس مرات دائماً مستمراً؛ ثم يُضَيِّع أكثر الأمة ذلك، ويخفى عليها! وهذا من أمحل المحال، بل لو كان ذلك واقعاً؛ لكان نقله كنقل عدد الصلوات، وعدد الركعات، والجهر والإخفات، وعدد السجدات، ومواضع الأركان، وترتيبها. والله الموفق. والإنصاف الذي يرتضيه العالم المنصف: أنه جهر وأسر، وقنت وترك، وكان إسراره أكثر من جهره، وتركه القنوت أكثر من فعله، وإنما قنت عند النوازل؛ للدعاء لقوم،