الخلاصة في مبحث الرؤية أن رؤية الله -سبحانه وتعالى- بالأبصار جائزة عقلًا في الدنيا والآخرة؛ لأن كل موجود يجوز أنه يُرى، ومن الأدلة على جوازها عقلًا سؤال موسى ربه أن ينظر إليه {قَالَ رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ} فموسى لا يسأل إلا جائزا في حق الله -تعالى-، وأما شرعًا: فهي جائزة وواقعة في الآخرة وممتنعة في الدنيا رؤية الله -تعالى- بالأبصار جائزة عقلًا في الدنيا والآخرة، وأما شرعًا فهي جائزة وواقعة في الآخرة وممتنعة في الدنيا.
ومن أصلح الأدلة على ذلك ما ثبت في صحيح مسلم رواه ابن خزيمة أيضًا في كتاب التوحيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:(واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا) والأحاديث في رؤية المؤمنين لربهم متواترة كما سبق رواه عامة الصحابة نحو ثلاثين صحابيا.
وقول المؤلف -رحمه الله-: بغير إحاطة، ولا كيفية يعني أن الله سبحانه يُرى، ولكن لا يحاط به رؤية لكمال عظمته وكونه أعظم من كل شيء وأكبر من كل شيء كما قال -سبحانه-: {لَا تُدْرِكُهُ الْأَبْصَارُ} فهو يرى ولا يحاط به رؤيةً لكمال عظمته، وكونه أعظم من كل شيء، وإذا كانت بعض المخلوقات ترى ولا يحاط بها رؤية، فكيف بالخالق؟ الخالق أولى وأولى أن لا يحاط به فأنت ترى البستان، ولا تحيط به رؤية، وترى الجبل ولا تحيط به رؤية، وترى السماء ولا تحيط بها رؤية، وترى المدينة ولا تحيط بها رؤية وهي مخلوقات، فالخالق أولى ألا يحاط به رؤية كما أنه -سبحانه وتعالى- يُعلَم، ولا يحاط به علمًا كما قال -سبحانه وتعالى-: {يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلَا يُحِيطُونَ بِهِ عِلْمًا (١١٠) } ولا كيفية، أي لا نكيف لا نقول: يُرى على كيفية كذا، وعلى كيفية كذا.. أو أنا نراه وكيفية كذا تثبيت الرؤية، وأن المؤمنين يرون ربهم بأبصارهم والله أعلم بالكيفية.