للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والله يغضب ويرضى لا كأحد من الورى


والله يغضب ويرضى يغضب هذه صفة لله الغضب من الصفات الفعلية والرضى من الصفات الفعلية لا كأحد من الورى، الورى: الناس أو الخلق يعني الله تعالى يغضب ويرضى لكن لا يشابه المخلوقين في غضبهم ورضاهم؛ لأنه سبحانه وتعالى كما أخبر عن نفسه {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (١١) }
وهذا البحث في الصفات، والصفات تنقسم إلى قسمين صفات الرب -سبحانه وتعالى- تنقسم إلى قسمين صفات ذاتية وصفات فعلية الصفات الذاتية رابطها هي التي لا تنفك عن الباري. والصفات الفعلية رابطها أنها هي التي تتعلق بالمشيئة والاختيار، إذن الصفات نوعان: صفات ذاتية، وهي التي لا تنفك عن الباري، وصفات فعلية وهي التي تتعلق بالمشيئة والاختيار.
والصفات الذاتية نوعان:
النوع الأول: صفات قائمة بنفسها.
والثاني: صفات معان قائمة بالذات، وضابط صفات الأفعال أنك إذا أدخلت المشيئة عليها صلحت؛ لأن تكون متعلقا لها وصدق التركيب.
أمثلة لصفات الذات وصفات الأفعال، مثال القسم الأول: من صفات الذات، وهي الصفات القائمة بنفسها مثل الوجه واليد والقدم.
مثال القسم الثاني: من صفات الذات وهي صفات المعاني القائمة بالذات مثل العلم والحياة والقدرة ومثال صفات الأفعال قلنا: ضابط صفات الأفعال أنك إذا أدخلت المشيئة عليها صلحت للتركيب، وهي التي تتعلق بالمشيئة والاختيار، مثل الرضا والغضب والحب والبغض والأسف والعداوة والولاية كل هذه من صفات الأفعال.
الأدلة من الكتاب والسنة على إثبات صفات الأفعال من الكتاب قول الله تعالى {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ} وقال الله سبحانه {* لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ} قال تعالى: {مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ} وقال: {وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ} وقال {وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ} وقال: {أَنْ سَخِطَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَفِي الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ (٨٠) } وقال: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ (٢٢٢) } وقال: {وَلَكِنْ كَرِهَ اللَّهُ انْبِعَاثَهُمْ}
ومن السنة ما في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (إن الله تعالى يقول لأهل الجنة -ذكر الحديث وفيه- فيقول: أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبدا) هذا فيه إثبات الرضا وحديث الشفاعة وفيه: (إن ربي قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله) في إثبات صفة الغضب.
وحديث (أبغض الحلال إلى الله الطلاق) في صفة البغض، وحديث (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخلان الجنة) في إثبات صفة الضحك، وحديث: (عجب ربنا من قنوط عباده وقرب غِيَرِهِ) في إثبات صفة العجب مذهب أهل السنة في صفات الله.
مذهب أهل السنة في صفات الله تعالى: مذهب السلف وسائر الأئمة إثبات صفات الذات كالسمع والبصر، وإثبات صفات الأفعال كالغضب والرضا والحب والبغض والعداوة والولاية والكلام التي ورد بها الكتاب والسنة على ما يليق بجلال الله تعالى وعظمته ومنع التأويل الذي يصرفها عن حقائقها اللائقة بالله تعالى يعني يثبتونها من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكليف ولا تمثيل.
أما مذهب أهل التعطيل: الجهمية والمعتزلة مذهبهم في صفات الذات وصفات الأفعال مذهبهم: نفي كل ما وصف الله به نفسه من صفات الذات وصفات الأفعال، الجهمية والمعتزلة ينفون الصفات الذاتية والصفات الفعلية، ويقولون: إنما هي أمور مخلوقة محدثة منفصلة عن الله ليس هو في نفسه متصفا بشيء من ذلك.
شبهتهم: قالوا لو اتصف بالصفات الذاتية والفعلية لكان محلا للأعراض والله منزه عن ذلك.
الرد عليهم أن نقول: إأنها صفات أفعال ليست أعراضا فتسميتكم للصفات أعراضا اصطلاح لكم وبنيتم عليه نفي ما وصف به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله صلى الله عليه وسلم.
مذهب الكلابية والأشعرية في صفات الأفعال وشبهتهم والرد عليها: مذهبهم يعارض ويضاد مذهب الجهمية القائلين بأن صفات الأفعال مخلوقة محدثة منفصلة عن الله فهم يقولون لا يوصف الله بشيء يتعلق بمشيئته وقدرته أصلا، هؤلاء من الكلابية والأشعرية يقولون: لا يوصف الله بشيء يتعلق بمشيئته وقدرته أصلا يعني ينفون الصفات الفعلية، فلا يرضى في وقت دون وقت عندهم ولا يغضب في وقت دون وقت، ولا يتكلم إذا شاء ولا يضحك إذا شاء.
وجميع هذه الأمور صفات لازمة لذاته قديمة أزلية.

<<  <   >  >>