والإيمان واحد وأهله في أصله سواء. والتفاضل بينهم بالخشية والتقى ومخالفة الهوى وملازمة الأولى. والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن وأكرمهم عند الله أطوعهم وأتبعهم للقرآن. هذه مسألة مسألة الولاية نجريها على الإيمان المؤمنون كلهم أولياء الرحمن هذا مذهب المرجئة، وأما أهل السنة فيفصلون عندهم تفصيل في هذا يقولون فالمرجئة يقولون المؤمنون كلهم أولياء الرحمن، فالناس قسمان عند المرجئة، المؤمنون سواء كانوا مطيعين أو عصاة كلهم أولياء الرحمن، والكفار أعداء الله، فإذن الناس قسمان عدو وولي، فالكافر عدو الله، والمؤمن سواء كان مطيعا أو عاصيا ولي لله. وأما جمهور أهل السنة فيفصلون يقولون الناس ثلاثة أقسام: عدو لله كامل العداوة، وهو الكافر، ثانيا: مؤمن ولي لله كامل الولاية، وهو المؤمن المطيع الذي أدي الواجبات وانتهي عن المحرمات، ثالثا: ولي لله بوجه وعدو لله بوجه وهو المؤمن العاصي، فهو ولي لله بحسب ما فيه من الإيمان والطاعات، وعدو لله بحسب ما فيه من المعاصي والتقصير في الواجبات. وهذا هو الصواب الذي عليه أهل السنة والجماعة، وهل تجتمع الولاية والعداوة في الشخص الواحد؟ نعم هذا أصل عظيم عند أهل السنة، وهي اجتماع الولاية والعداوة في الشخص الواحد، فيكون المؤمن وليا لله من وجه، وعدوا لله من وجه، وهذا أصل عظيم فيه نزاع لفظي بين أهل السنة وبين الجمهور، وفيه نزاع معنوي بين أهل السنة وأهل البدع، فالنزاع اللفظي بين الجمهور والأحناف يقولون: العاصي عدو لله من وجه وولي لله من وجه عند الجمهور. والأحناف يقولون هو ولي لله، لكن المعاصي يعاقب عليها ويذم عليها أما النزاع بينهم وبين أهل البدع، فإن النزاع معنوي يترتب عليه فساد في الاعتقاد، فإن أهل السنة يقولون: العاصي، وإن كان عدوا لله من وجه إلا أنه لا يخرج من الإيمان، أما الخوارج فإنهم يقولون: العاصي يخرج من الإيمان، ويدخل في الكفر، والمعتزلة يقولون يخرج من الإيمان، ولا يدخل في الكفر، فيكون في منزلة بين المنزلتين. والمرجئة المحضة يقولون: العاصي كامل الإيمان، فالنزاع بينهم فإذا المؤمن العاصي عدو لله كامل العداوة عند الخوارج والمعتزلة، وعند أهل السنة ولي الله من وجه وعدو لله من وجه، وأما عند المرجئة المحضة فهو ولي لله كامل الولاية حتى لو فعل الكبائر ونواقض الإسلام إلا إذا جهل ربه بقلبه، والتفصيل في هذا يأتي إن شاء الله. الطحاوي رحمه الله قرر أن الولاية مبنية على الإيمان وأن المؤمنين كلهم أولياء الرحمن، ولهذا قال والمؤمنون كلهم أولياء الرحمن، وعلي هذا لا فرق بين المطيع والعاصي في الولاية، ولا تجتمع الولاية والعداوة في الشخص الواحد، بل يكون الناس قسمان قسم عدو لله، وهو الكافر وقسم ولي لله، وهو المؤمن المطيع والمؤمن العاصي هذا مذهب الأحناف ومرجئة الفقهاء، ولكن خالفهم في هذا جمهور أهل السنة في هذا الأصل، وقرروا أنه يجتمع في الشخص الواحد الولاية والعداوة من جهتين. وهذا الأصل أصل عظيم وهو اجتماع الولاية والعداوة في الشخص الواحد، وهذا النزاع فيه نزاع لفظي بين أهل السنة أنفسهم، ونزاع معنوي بينهم وبين أهل البدع، فالنزاع الذي بين أهل السنة أنفسهم نزاع بين جمهور أهل السنة ومرجئة الفقهاء، فجمهور أهل السنة يقولون يجتمع في الشخص الواحد ولاية وعداوة، يكون وليا لله بحسب ما فيه من الإيمان والطاعات ويكون عدوا لله بحسب ما فيه من المعاصي. وأما مرجئة الفقهاء فقالوا الناس قسمان، ولي لله وعدو لله، فالكافر عدو لله والمؤمن المطيع أو العاصي ولي لله، وأما أهل السنة والجماعة فقالوا. جمهور أهل السنة: الناس ثلاثة أقسام: عدو لله كامل العداوة، وهو الكافر وولي لله كامل الولاية، وهو المؤمن المطيع، وولي لله من وجه، وعدو لله من وجه، وهو المؤمن العاصي، وهذا مبني على مذهبهم في الإيمان والكفر، فذهب جمهور أهل السنة إلي أنه يجتمع في المؤمن ولاية من وجه وعداوة من وجه كما يكون فيه كفر وإيمان وشرك وتوحيد وتقوى وفجور ونفاق وإيمان. فالناس يتفاضلون في ولاية الله بحسب تفاضلهم في الإيمان والتقوى والولاية لم يتساو الناس في أصلها، فهي نظير الإيمان لم يتساو الناس في أصله، بل الولاية تزيد وتنقص، وتكون كاملة وناقصة، فالمطيع تزيد ولايته وتقواه، والعاصي تنقص ولايته وتقواه، كما أن الإيمان يزيد وينقص ويكون كاملا وناقصا، فالمطيع يزيد إيمانه ويقوى، والعاصي ينقص إيمانه ويضعف، كما أن الناس يتفاضلون في عداوة الله بحسب تفاضلهم في الكفر والنفاق؛ لأن الإيمان على مراتب إيمان دون إيمان، والكفر على مراتب كفر دون كفر، وأولياء الله هم المؤمنون المتقون وبحسب إيمان العبد وتقواه، تكون ولايته لله، فمن كان أكمل إيمانا وتقوى كان أكمل ولاية لله.