النقيضين، ورفعهما رفع النقيضين. إذا تعارض العقل، والنقل فإنه يجب تقديم فإن كلا من العقل والنقل مدلول والجمع بين المدلولين جمع بين النقيضين، ورفعهما رفع للنقيضين، وتقديم العقل ممتنع؛ لأن العقل قد دل على صحة السمع ووجوب قبول ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم فلو أبطلنا النقل لكنا قد أبطلنا دلالة العقل، ولو أبطلنا دلالة العقل لم يصلح أن يكون معارضًا للنقل؛ لأن ما ليس بدليل لا يصلح لمعارضته شيء من الأشياء فكان تقديم العقل موجبًا عدم تقديمه، فلا يجوز تقديمه، وأهل الكلام وأهل البدع من معتزلة وغيرهم إنما أوتوا من تقديمهم العقل على النصوص، وتقديم العقل له آثار سيئة، له آثار. تقديم العقل على النصوص له آثار في نقصان التوحيد فمن لم يسلم للرسول - عليه الصلاة والسلام- نقص توحيده، فإنه يقول برأيه وهواه وتقديم العقل على السمع تقديم للعقل على النصوص من مصادر الفساد في العالم، وذلك أن الفساد في العالم دخل من ثلاث فِرَق، إما من الملوك الجائرة، ومن علماء السوء، وأحبار السوء، ومن رهبان السوء وعُبَّاد السوء، من الملوك الظلمة، ومن العلماء المنحرفين، ومن الرهبان العُبَّاد الذين يتعبدون على جهل وضلال، فالملوك الجائرة يعترضون على الشريعة بالسياسات الجائرة، ويعارضونها بها ويقدمونها على حكم الله ورسوله، وعلماء السوء، وهم العلماء الخارجون عن الشريعة بآرائهم، وأقيستهم الفاسدة المتضمنة تحليل ما حرَّم الله ورسوله أو تحريم ما أباحه الله ورسوله، هؤلاء يقدمون، يخرجون عن الشريعة، ويقدمون آراءهم ومقاصدهم ناقصة وفاسدة على نصوص الوحيين، ورهبان السوء، وهم جهال المتصوفة الذين يعترضون على حقائق الإيمان والشرع بالأذواق والمواجين والخيالات والكشوفات الباطنة الشيطانية فالملوك الجورة، الجائرون يقولون: إذا تعارضت السياسة والشرع قدَّمنا السياسة، وعلماء السوء يقولون: إذا تعارض العقل والنقل قدَّمنا العقل، ورُهبان السوء، عباد السوء يقولون: إذا تعارض الذوق والكشف، وظاهر الشرع قدمنا الذوق والكشف.