وقال تعالى: {وَمَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا بَعِيدًا (١٣٦) } فجعل الكافرين من كفر بهذه الجملة. ومن السنة حديث جبرائيل حينما سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الإيمان فقال: (الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر خيره وشره) أما الإيمان بالملائكة، فنؤمن بهم جملة وتفصيلا، فنؤمن بمن سمى الله في كتابه منهم كجبريل وميكائيل وإسرافيل وملك الموت ورضوان ومالك خازن النار، من سمى الله منهم تفصيلا، ونؤمن إجمالا بأن لله ملائكة سواهم لا يعلم أسمائهم وعددهم إلا الله {وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ} لأنه لم يأت في عددهم نص، فنؤمن بهم جملة. وأما الأنبياء والمرسلون فنؤمن بهم جملة وتفصيلا، فنؤمن بمن سمى الله في كتابه من رسله وهم خمس وعشرون ذكروا في آية النساء {* إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ} وفي آية الأنعام: {وَتِلْكَ حُجَّتُنَا آَتَيْنَاهَا إِبْرَاهِيمَ عَلَى قَوْمِهِ نَرْفَعُ دَرَجَاتٍ مَنْ نَشَاءُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (٨٣) } وَقَالَ {وَوَهَبْنَا لَهُ إِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ كُلًّا هَدَيْنَا} إلى آخر الآيات. ونؤمن بأن الله تعالى أرسل رسلا سواهم وأنبياء لا يعلم أسماءهم إلا الله، وورد في حديث أبي ذر أن عدد الأنبياء مائة ألف وعدد الرسل ثلاثمائة وثلاثة عشر، ويحتاج إلى ثبوت الحديث، والحديث فيه ضعف، فنؤمن بهم، وعلى كل حال لا بد من الإيمان الإجمالي نؤمن بهم جملة، قال الله تعالى: {وَرُسُلًا قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلًا لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ} وقال سبحانه: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ} وأما أولو العزم من الرسل، فأحسن الأقوال فيهم أنهم المذكورون في آية الأحزاب والشورى، في قوله تعالى: {وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَأَخَذْنَا مِنْهُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا (٧) } وقوله سبحانه في سورة الشورى: {* شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ} . وأما الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم فلا بد من الإيمان به تفصيلا زائدا على الإيمان بتلك الرسل، الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم تصديقه واتباع ما جاء به من الشرائع إجمالا وتفصيلا. وأما الإيمان بالكتب المنزلة على المرسلين، فنؤمن بهم جملة وتفصيلا، نؤمن بمن سمى الله في كتابه من التوراة والإنجيل والزبور والقرآن وصحف إبراهيم وصحف موسى، نؤمن بها تفصيلا، ونؤمن بأن الله بأن الله تعالى سوى ذلك كتبا أنزلها على أنبيائه ورسله، لا يعرف أسمائها وعددها إلا الله؛ لأنه لم يأت في عددها نص، فنؤمن بها جملة، وأنها حق وهدى ونور وشفاء، وأما الإيمان بالقرآن فالإقرار به واتباع ما فيه وتحكيمه في كل شيء في المنشط والمكره واليسر والعسر، مع اعتقاد بأنه أفضل الكتب وأنه ناسخ لها ومهيمن عليها، وذلك أمر زائد على غيره من الكتب ذلك أمر زائد على غيره من الكتب. كذلك أيضا نؤمن باليوم الآخر، وبما يكون قبل ذلك في البرزخ من سؤال منكر ونكير، ومن نعيم القبر وعذابه، وكذلك نؤمن بالبعث بعث الأجساد وإعادة الأرواح إليها والحشر والنشر والوقوف بين يدي الله وتطاير الصحف ووزن الأعمال والحوض والصراط والجنة والنار، كل هذا نؤمن به، ويؤمن به أهل الحق.