والمعجزة في اللغة أيضا عام لكل ما تبلغه قوة غيرك وتعجز عنه أنت يقال: إنه معجز نسبي فإن كان معجز للبشر فهو خارق فكل خارق فهو معجز وليس كل معجز خارقا هذا من جهة اللغة، إذن في اللغة المعجزة تعم كل خارق للعادة بصرف النظر عن كون الذي ظهرت على يديه نبي أو ولي أو غيرهما. والمعجزة والكرامة في عرف أئمة أهل العلم المتقدمين تعم كل خارق للعادة لا فرق بين المعجزة والكرامة عندهم فالإمام أحمد -رحمه الله- وغيره يسمونها الآيات أما المعجزة والكرامة في عرف العلماء المتأخرين فيفرقون في اللفظ بينهما فيجعلون المعجزة للنبي والكرامة للولي، وجماعها الأمر الخارق فالكرامة عند المتأخرين من العلماء هي أمر خارق للعادة غير مقرون بدعوة النبي يظهر على يدي صالح ملتزم بمتابعة النبي. فالمعجزة التي يظهرها الله على يدي مدعي النبوة من خوارق العادات، ومنهم ما يتحدى به أمته كالقرآن لمحمد صلى الله عليه وسلم ومنه ما لا يتحدى به كنبع الماء من بين أصابعه وحنين الجزع إليه ولا يسمى كرامة، والكرامة ما ظهر على يد صالح من الصالحين من الخارق للعادة، ولا يسمى معجزة وعند العلماء المتقدمين ما ظهر على يد نبي يسمى معجزة وكرامة، وما ظهر على يد صالح يسمى كرامة ومعجزة. وعند العلماء المتأخرين ما ظهر على يد نبي يسمى معجزة ولا يسمى كرامة وما ظهر على يد صالح يسمى كرامة ولا يسمى معجزة أي الاصطلاحين أصح؟ اصطلاح العلماء المتقدمين أصح؛ لأنه يوافق اللغة العربية فاللغة العربية كل خارق للعادة يسمى معجزة سواء ظهر على يد نبي أو ولي وعند العلماء المتقدمين كل خارق للعادة يسمى معجزة ويسمى كرامة سواء ظهر على يد نبي أو ولي. أما المتأخرون من العلماء ففرقوا بينهما فقالوا: إن ظهر الخارق للعادة على يد نبي فنسميه معجزة، وإن ظهر على يد صالح من الصالحين فنسميه كرامة ويجمعها شيء واحد وهو: الأمر الخارق للعادة والأمور التي هي مبدأ الكرامات والتي لا تخرج عنها جميع المعجزات والكرامات، والتي هي صفات الكمال في الوجود ترجع إلى ثلاثة أشياء الأمور التي هي مبدأ الكرامات والتي لا تخرج عنها جميع المعجزات والكرامات والتي هي صفات الكمال في الوجود ترجع إلى ثلاثة: العلم والقدرة والغنى. العلم والقدرة والغنى وهذه الثلاثة لا تصلح على وجه الكمال إلا لله وحده بيان ذلك: أما العلم فإنه الذي أحاط بكل شيء علما، وأما القدرة فهو على كل شيء قدير، وأما الغنى فهو غني عن العالمين سبحانه وتعالى، ومن أجل ذلك ومن أجل هذا أمر خاتم الرسل وخاتم أولوا العزم محمد صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من دعوى هذه الثلاثة بقوله عز وجل {قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ} . وكذلك أول الرسل وأول أولوا العزم نوح -عليه الصلاة والسلام- تبرأ من هذه الثلاثة في قوله: {وَلَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ إِنِّي مَلَكٌ وَلَا أَقُولُ لِلَّذِينَ تَزْدَرِي أَعْيُنُكُمْ لَنْ يُؤْتِيَهُمُ اللَّهُ خَيْرًا} وإنما ينال الرسل من هذه الثلاثة بقدر ما يعطيهم الله فيعلمون ما علمهم الله ويستغنون عما أغناهم الله عنه ويقدرون على ما أقدرهم الله عليه من الأمور المخالفة للعادة المطردة أو عادة أغلب الناس الخارق للعادة يتنوع إلى نوعين وكذلك كلمات الله تتنوع إلى نوعين. فإذن أنواع الخارق وأنواع كلمة الله، الخارق نوعان، وكلمة الله نوعان ويتنوع الخارق باعتبار تنوع كلمة الله باعتبار تنوع كلمات الله الخارق للعادة نوعان: أحدهما: أن يكون من باب العلم وهو الكشف والاطلاع. والثاني: أن يكون من باب القدرة وهو التأثير والتغيير،