للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونرى المسح على الخفين في السفر والحضر كما جاء في الأثر


هذا من معتقد أهل السنة والجماعة، قال: ونرى المسح على الخفين في الحضر والسفر كما جاء في الأثر.
لماذا أدخل المسح على الخفين في كتب العقائد، وباب العقائد..المسح على الخفين مسألة فرعية في كتب الفقه، ولكن العلماء أدخلوا المسح على الخفين في كتب العقائد؛ للرد على بعض أهل البدع، الذين لا يرون المسح على الخفين، فصار عقيدة من عقائد أهل السنة يخالفون فيها أهل البدع؛ ولذلك قال: ونرى، ونرى يعني: ونعتقد.
قال المصنف -الطحاوي-: ونرى يعني: ونعتقد هذه عقيدة أهل السنة، ونرى يعني: ونعتقد المسح على الخفين في السفر والحضر، أراد المصنف بهذا الرد على بعض المبتدعة، وهم والرافضة الذين لا يرون المسح على الخفين لا في السفر، ولا في الحضر، وهذه المسألة الخلاف فيها قوي بين أهل السنة والرافضة، فأهل السنة يرون وجوب غسل الرجلين في الوضوء إذا كانتا مكشوفتين، ويرون المسح على الخفين إذا كانتا مستورتين بالخف، أو بالجورب بالشروط إذا لبسهما على طهارة.
والرافضة لا يرون غسل الرجلين المكشوفتين، ولا يرون المسح على الخفين المستورتين بالخف، بل الرافضة يوجبون مسح ظهور القدمين إذا كانت الرجلان مكشوفتين، قالوا يمسحان كما تمسح الرأس، يمسح على ظهر الرجل، وإذا كان فيهما خف وجب نزع الخف وخلعه وخلع الجورب، ومسح ظهور القدمين.
فإذن الرافضة ينكرون غسل الرجلين المكشوفتين، وينكرون المسح على الخفين؛ فلهذا جعل أهل السنة من عقيدتهم عقيدة المسح على الخفين، فإذا عقيدة أهل السنة غسل الرجلين المكشوفتين، ومسح الخفين المستورتين بالجوربين، أو بخفين إذا لبسهما على طهارة، وكان الخف، أو الجورب ساترا للمفروض. واضح هذا؟.
أهل السنة استدلوا بالقرآن وبالسنة على هذا، أما القرآن، فاستدلوا بآية المائدة، وهي قول الله عز وجل {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ} استدلوا بقراءة النصب في أرجلكم، قالوا: وأرجلكم معطوفة على الأيدي والوجوه والأيدي، والوجوه مغسولة والعطف على المغسول مغسول، والمعنى: إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برءوسكم، لكن الله أدخل المسح الممسوح بين المغسولات للدلالة على الترتيب، هذا من أدلة العلماء على وجوب الترتيب في الوضوء، لولا أن الترتيب واجب لما أدخل الله الممسوح بين المغسولات، لو كان الترتيب غير واجب لقال الله: اغسلوا وجوهكم وأيديكم وأرجلكم وامسحوا برءوسكم، لكن الله أدخل الممسوح بين المغسولات للدلالة على وجه الترتيب.
الدليل الثاني لأهل السنة: السنة المتواترة، فالذين نقلوا كيفية الوضوء غسلا، ومسحا قولا وفعلا أكثر عددا من الذين نقلوا لفظ الآية، وهي آية المائدة.
بيان ذلك: أن الذين يتوضئون، والذين نقلوا كيفية الوضوء عن النبي صلى الله عليه وسلم غسلا للرجلين المكشوفتين، ومسحا على الخفين حضرا وسفرا أكثر من الذين نقلوا لفظ الآية، وذلك أن كل مسلم يتوضأ، كل واحد من الصحابة يتوضأ، والذي يتوضأ نقل الوضوء إما رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة، وإلا نقله عنه، ولكن ليس كل واحد يحفظ الآية، وكل واحد يتوضأ، كل واحد نقل كيفية الوضوء، وليس كل أحد يحفظ الآية، فتبين أن الذين نقلوا كيفية الوضوء غسلا، ومسحا، قولا وفعلا أكثر عددا من الذين نقلوا لفظ الآية، فلو جاز الطعن فيهم، لجاز الطعن فيمن نقل لفظ الآية، لكن لا يجوز الطعن في نقل لفظ الآية؛ لأن القرآن متواتر، فلا يجوز الطعن في نقل كيفية الوضوء من باب أولى، واضح هذا؟.
إذن: دليل أهل السنة الآية الكريمة والسنة المتواترة.
دليل الرافضة: الرافضة استدلوا بآية الوضوء وقراءة الجر، قالوا: دليلنا قراءة الجر؛ فإن الآية قرئت: {إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ} قالوا هذه قراءة، وهي قراءة صحيحة وأرجلِكم مكسورة، فهي معطوفة على الرءوس، والرءوس ممسوحة، فتكون الرجلان ممسوحتان، وعلي هذا قال الرافضة: إن أعضاء الوضوء أربع الوجه واليدان والرأس والرجلان.
عضوان مغسولان: وهما الوجه واليدان، وعضوان ممسوحان: وهما الرأس والرجلان، فيمسحون الرءوس، يعني: الرءوس تمسح اليدان مبلولتان بالماء تمسح الرءوس، ثم تبل اليدان بالماء، وتمسح، ويمسح ظهور القدمين عند الرافضة، قالوا: دليلنا الآية.
قال لهم أهل السنة، أجاب أهل السنة عن استدلالهم بجوابين:

<<  <   >  >>