للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وهم في مشيئته وحكمه، إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله كما ذكر عز وجل في كتابه: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ}


نعم هذا لا شك أن من مات على كبيرة من غير توبة من أهل الإيمان والتوحيد تحت مشيئة الله، إن شاء الله غفر له بتوحيده وإيمانه وإسلامه، وأدخله الجنة، كما قال الله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} وإن شاء ربنا سبحانه عذبه في النار، على قدر جرائمه، وقد تواترت النصوص بأنه يدخل النار جملة من أهل الكبائر يعذبون، وأنهم مصلون، وأن النار لا تأكل جباههم موضع السجود، ويمكث فيها ما شاء الله، وبعضهم يطول مكثه بسبب شدة جرائمه وكثرتها، ويخرجون منها بشفاعة الشافعين.
ثبت أن نبينا صلى الله عليه وسلم يشفع أربع مرات في كل مرة يحد الله له حدا فيخرجهم من النار، وثبت أن بقية الأنبياء يشفعون، والملائكة يشفعون، والشهداء يشفعون، وسائر المؤمنين يشفعون، والأفراد يشفعون، وتبقى بقية لا تنالهم الشفاعة، فيخرجهم رب العالمين برحمته، يقول: (شفعت الملائكة وشفعت النبيين ولم يبق إلا رحمة أرحم الراحمين، فيخرج قوما من النار لم يعملوا خيرا قط) يعني زيادة عن التوحيد والإيمان، ولا يبقى في النار أحد من المؤمنين، لكن بعضهم قد يطول مكثه مثل القاتل، أخبر الله أنه مخلد يعني يمكث مكثا طويلا مكثا خلودا له نهاية، خلود العصاة له نهاية، أما خلود الكفرة فلا نهاية له، خلود مؤبد نعوذ بالله، فإذا خرج العصاة كلهم يخرجون، ولو طال مكثهم بعد مدة يخرجون، فإذا تكامل خروج عصاة الموحدين من النار أطبقت النار على الكفرة بجميع أصنافهم، فلا يخرجون منها أبد الآباد بجميع أصنافهم اليهود والنصاري والوثنين والملاحدة والزنادقة والمنافقون في الدرك الأسفل، ولا يخرجون منها أبد الآباد، قال تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يَخْرُجُوا مِنَ النَّارِ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُقِيمٌ (٣٧) } وقال سبحانه: {كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧) } وقال سبحانه: {لَابِثِينَ فِيهَا أَحْقَابًا (٢٣) } وقال سبحانه: {كُلَّمَا خَبَتْ زِدْنَاهُمْ سَعِيرًا (٩٧) }
ما يخرجون الكفرة أبد الآباد، نعوذ بالله إنما الذي يخرج عصاة الموحدين، وأما عصاة الموحدين، فإنهم إذا خرجوا يكونون فحما قد امتحشوا وصاروا فحما، فيلقون في نهر الحياة، يصب عليهم من الحياة، فينبتون كما تنبت الحِبَّة، يعني البذرة في حميل السيل، فإذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة، ويكتب في جباههم الجهنميون عتقاء الله من النار، ثم بعد مدة تمحى هذه الكتابة. نعم.

<<  <   >  >>